فيتعاهدون نوحاً وزمانه الذي يخرج فيه ، وكذلك جاء في وصيّة كلّ نبيّ ، حتّى بعث اللّه محمّداً صلىاللهعليهوآله ، وإنّما عرفوا نوحاً بالعلم الذي عندهم ، وكان بين آدم ونوح عليهماالسلام من الأنبياء مستخفين ؛ ولذلك خفي ذكرهم في القرآن فلم يسمّوا كما سمّي من استعلن من الأنبياء ، وهو قول اللّه عزوجل : ( وَرُسُلًا قَدْ قَصَصْنَاهُمْ عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ وَرُسُلًا لَمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ ) (١) ، يعني : لم اُسمِّ المستخفين كما سمّيت المستعلنين من الأنبياء .
فمكث نوح عليهالسلام في قومه ألف سنة إلاّ خمسين عاماً لم يشاركه في نبوّته أحد ، ولكنّه قدم على قوم مكذّبين للأنبياء الذين كانوا بينه وبين آدم عليهالسلام ، وذلك قوله عزوجل : ( كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ الْمُرْسَلِينَ ) (٢) ، يعني : من كان بينه وبين آدم .
ثمّ إنّ نوحاً عليهالسلام لمّا انقضت نبوّته واستكملت أيّامه أوحى اللّه عزوجل إليه أن : يا نوح ، قد قضيت نبوّتك واستكملت أيامك ، فاجعل العلم الذي عندك والإيمان والاسم الأكبر وميراث العلم وآثار علم النبوّة في العقب من ذريّتك فإنّي لن أقطعها ، كما لم أقطعها من بيوتات الأنبياء الذين كانوا بينك وبين آدم ، ولن أدع الأرض إلاّ وفيها عالم يُعرف به ديني ويعرف به طاعتي ، ويكون نجاة لِمَن يولد فيما بين قبض النبيّ إلى خروج النبيّ الآخَر .
فأوصى نوح إلى سام ابنه وبشّر ساماً بهود عليهالسلام ، فكان بين نوح وهود من الأنبياء عليهمالسلام [مستخفين ومستعلنين (٣) ] ، وقال نوح عليهالسلام : إنّ اللّه باعث
__________________
(١) سورة النساء ٤ : ١٦٤ .
(٢) سورة الشعراء ٢٦ : ١٠٥ .
(٣) أضفناها من كمال الدين والبحار .