ومنها : أن نعلم أنه لا يجوز أن يخاطب بخطابه على وجه يقبح (١) .
ومنها : أنه لا يجوز أن يريد بخطابه غير ما وضع له ولا يدل عليه فمتى حصلت هذه العلوم صح الاستدلال بخطابه على مراده ، و متى لم يحصل جميعها أو لم يحصل بعضها لم يصح ذلك ، ولذلك ألزمنا المجبرة (۲) ان لا يعرفوا بخطابه شيئاً ولا مراده أصلا ، من حيث جوزوا على الله تعالى القبائح ، ولشرح هذه الاشياءِ موضع غير هذا يحتمل أن نبسط الكلام فيه ، غير انا نشير الى جمل منه موصلة الى العلم .
انما قلنا : أنه لا
يجوز أن يخاطب ، ولا يفيد بخطابه شيئاً أصلا ،
_________________________
(۱) قوله ( على وجه يقبح ) ان قيل : هذا يغني عن سابقه ولاحقه ، لان عدم الافادة قبيح ، وكذا عدم الدلالة على المراد .
قلنا : المراد بكون الخطاب على وجه يقبح أن يكون خبراً كاذباً أو انشاءاً يكون أمراً بما ليس بواجب عقلي واقعي ، أو نحو ذلك مما يجد العقل قبحه في نفسه ضرورة ، لا استدلالا آنياً على القبح ، ولا في نفسه كما سيجيء .
(۲) قوله ( المجبرة ) هم القائلون بان أفعال العباد صادرة عن الله تعالى ، سواء كانوا قائلين بالكسب ، وهم جمهور الاشاعرة أم لا ، وهم الجهمية (۳) .
_________________________
(۳) الجهمية : أصحاب جهم بن صفوان وهو من الجبرية الخالصة . ظهرت بدعته بترمذ ، وقتله سلم بن أحوز المازني بمرو في آخر ملك بني امية . وافق المعتزلة في نفي الصفات الازلية وزاد عليهم باشياء .