شخصاً غير زيد ، على مثل هيئة زيد وشكله ، وتخطيطه من جميع الوجوه ، بحيث لا تفرق حاسة البصر بينهما أصلا ، وان كان مع قرب العهد بزيد ، وتكرار المشاهدة له في كل يوم ، وفي كل ساعة أم لا يمكن ذلك عقلا في نفس الامر ؟ .
ثم اذا استدللنا على استحالته بانا نشاهد زيد أو نعلم يقيناً أنه زيد كما في قوله تعالى في سورة البقرة ، وسورة الانعام : « الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ » (۱) وكون الشخص المذكور ممكناً في نفسه ، ينافي استلزام المشاهدة لذلك العلم ، كان الاستدلال حقاً برهانياً .
ويظهر بما قررنا انه يمكن الاستدلال العقلي بالمعجز ، وافادته العلم على قاعدة التحسين والتقبيح العقليين ، وعلى امتناع كذبه تعالى لمصلحة معارضة تكون أقوى من مفسدة الكذب ، وعلى انه لا مؤثر في خارق العادة الا الله تعالى وعلى انه لا يمكن معارضته ، وعلى انه لا يجوز اظهار خارق العادة على يد الكاذب ، وأمثال ذلك . وهو ليس باستدلال سمعي كما قررناه ، وان كان الاولان لا حاجة لثبوتهما الى استلزام المعجز للعلم بالصدق .
أما الاول : فظاهر مشهور .
وأما الثاني : فلان الاضطرار الى القبيح في نفسه لاجل المصلحة يستلزم النقص تعالى الله عنه ، الضرورية استحالته على الفاعل بقول ( كن ) ولا يكفي في اثبات عدم كذبه تعالى قاعدة التحسين والتقبيح العقليين ، كما قد توهمه بعض لما يظهر مما مر في الفصل الاول من عدم استقلال العقل بالاحكام العقلية الواقعية فينا ، ويمكن الاستدلال على جميع ذلك باخبار النبي صلىاللهعليهوآله أيضاً ، ولا دور .
_________________________
(١) البقرة : ١٤٦ ، والانعام : ٢٠ .