تعالي الاٌمة بفقد الرسول ، و وقعت الداهية العظمى و المصيبة الكبرى من غصب الخلافة ممن كان أحق بها بنصّ رسوله ، جمع أمير المؤمنين كتال الله تعالى على حسب ما أُنزل ، و وضعه في أطراف ردائه و جاء إلى المسجد و دعا الناس إليه ، و قال الثاني من الخلفاء : حسبنا كتاب الله الذي بين أيدينا ، فقال عليهالسلام : لن تروه إلى أن يظهر الله القائم من آل محمد ، و يملأ الله الأرض ـ بوجوده المسعود و طلعته الرشيدة ـ قسطاً و عدلًا بعد ما ملئت ظلماً وجوراً .
و هذا أمر واضح لا ريب فيه ، و لايحتاج إلى بينة و برهان و أخبار الفريقين بذلك شاهدة مستفيضة لا نسوّد الأوراق بذكرها ، و من أرادها فليطلبها من مظانّها ، بل نشرع في ذكر ما هو الأهم ، و هو ذكر بعض الأخبار التي دلّت على فضل القرآن و فضل قراءته و تعلمه ، و فضل حامله ، و فضل البيت الّذي هو فيه ، و أنّ به ظهراً و بطناً ، وحدّاً و مطلعاً ، و أن الأئمة المسلمين هم العالمون بحقائقه .
و هذا و إن كان أمراً مفروغاً عنه بين علماء الإسلام ، و صنفوا مع ذلك كتباً عديدة و تفاسير شتّى ، أجزل الله تعالى برّهم و أسنى الله ذكرهم ، و نحن نقتفي آثارهم و نتبع أطوارهم ، لعلّ الله يتفضل عليّ بما هو خير لي في منقلبي و مثواي و دنياي و أخراي ، و لئلا تخلو هذه الصحيفة الجامعة من أخبارهم و آثارهم ، فإن علوم الأولين و الآخرين نقتبسة من مشكاة أنوارهم ، و صدورهم منشرحة بذكر أقوالهم و أفعالهم و أطوارهم .
و قد روى أقدم المحدثين و أنور الطالعين شيخ مشايخ علماء الأعلام في جامع الكافي في كتاب فضل القرآن ، بإسناده عن الصادق عليهالسلام ، عن أبيه ، عن آبائه في دار هدنة ، و أنتم على ظهر سفر ، و السير بكم سريع ، و قد رأيتم الليل و النهار و الشمس و القمر يبليان كل جديد ، و يقربان كب بعيد ،