بسم اللّه الرّحمن الرّحيم
لا يختلف اثنان في أنّ ما قدّمه السيد ابن طاوس رضوان اللّه عليه من تراث خالد ـ عبر تصانيفه القيّمة ـ يعدّ من مفاخر التراث الإسلامي ، إذا أخذنا بنظر الاعتبار خصوصيّة ما خلّفه من أثر دعائيّ وعرفانيّ وأخلاقيّ يصل القمة في كثير من مراحله ، بالإضافة إلى ما كان يتمتع به من يراعة سيالة وأسلوب متين يمكن اعتباره منهجا خاصا في التأليف تميّزت به تصانيفه قدس سره .
وكتاب « كشف المحجة لثمرة المهجة » مجموعة وصايا من السيد ابن طاوس رحمه اللّه إلى ولده محمد ضمّنها من نوادر العظات وفوائد المقالات ما لا يستغنى عنه ، وكأنّه يعبّد طريق المعرفة بأبسط بيان ، ويفتح له أبواب السلوك بمقال العرفان .
يقول السيد ابن طاوس عن كتابه هذا : « فإنّ له في هذه الرسالة على ما يدل المصحف الشريف عليه ، في معرفة صاحب الجلالة والمؤيد بالرسالة وما يريد منه ، وله السعادة الباهرة وحفظ النعم الباطنة والظاهرة ، وأخصّه في هذا الكتاب بما يكون كالسيف الذي يدفع به أعداء مولاه ، الذين يريدون أن يشغلوه عن رضاه ، وبما يكون كالخاتم الذي يختم به أفواه قدرة الناطقين بالشواغل عن معاده ، ويختم به على جوارحه أن تسعى في غير مراده ، وبما يكون منها كالخلع التي خلعها اللّه جلّ جلاله على مهجتي ليسلمني بها من الحرّ والبرد ، ويصون بها ضرورتي ، فأوثره من الخلع الشريفة والملابس المنيفة التي خلعها اللّه جلّ جلاله على الألباب وجعلها جننا ودروعا واقية من العذاب والعار ، وجعل منها ألوية للملوك الركاب إلى دوام نعيم دار الثواب ، ومن خلع السرائر والخواطر والقلوب ما يبقي جمالها عليه مع فناء ملبس مسلوب » (١) .
وقال المحقق الفيض قدّس سرّه في مقدمة كتابه « تسهيل السبيل » : « هذا منتخب من
______
( ١ ) كشف المحجة : ٦ .