والاستدلال العقلي أم لا ، بل ضرب كلّ ما يخالفه من نتائج العقل عرض الحائط إن لم يقبل التأويل ، فالعلم عندهم ـ كما مرّ في الحديث ـ منحصر في ثلاثة : «آية محكمة من اللّه ، وسنّة ثابتة من النبيّ صلىاللهعليهوآله ، ولا أدري» (١) .
وسيأتي تفصيل بيان هذا المسلك وأهله وسائر ما تعلّق به بحيث أن لا يبقى غبار عليه في فصل نقل المذاهب وبعض المقالات الآتية ، بل والفصل الآتي أيضاً .
ولا ريب في أن لا مخدش في مثل هذا المسلك ، ضرورة عدم تطرّق احتمال الخطأ إلى ما هو من اللّه ، فلا ضلال فيه ولا جدال ولا جهالة ولا اختلاف (٢) ، فهذا هو الطريق الرحمانيّ الخالص الذي يجب أن يكون شعار المطيعين ، كما قال سبحانه : ( أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ ) (٣) ، بل ـ كما سيظهر ـ كان على هذا جميع الملائكة والنبيّين والوصيّين وخُلَّص المؤمنين ، كما قال عزوجل : ( عِبَادٌ مُكْرَمُونَ * لَا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ ) (٤) . ألا ترى أنّ الملائكة كيف سجدوا لآدم عليهالسلام حين اُمروا به من غير جدال ، بل ولا طلب حكمة ولا سؤال عن حال ؟
وثانيهما : عكس الأوّل ، أي : إدخال الرأي وأمثاله في المعالم الدينيّة ، والاعتماد فيها على ما تسوق إليه الخيالات العقليّة .
والحقّ كما ظهر ويظهر أنّ هذا المسلك بجميع أقسامه شيطانيّ غير
__________________
(١) قد تقدّم تخريجه في ص٦٣ هامش ٤ ، وانظر أيضاً : جامع بيان العلم ١: ٧٥١ / ١٣٨٤ و٧٥٢ / ١٣٨٦ و٧٥٣ / ١٣٨٧ .
(٢) في النسخ : «الاختلاف» والظاهر ما أثبتناه .
(٣) سورة البقرة ٢ : ٢٠٨ .
(٤) سورة الأنبياء ٢١ : ٢٦ ـ ٢٧ .