وكذا مرّ أيضاً صدور مثله من اُمّة عيسى عليهالسلام بالنسبة إلى شمعون الصفا ، من إدخالهم بعض الحواريّين في أمره بمقتضى رأيهم من غير التوجّه إلى ما خصّه اللّه به من النصّ وغيره ، وحصول التشويش بذلك ، واختلاف الآراء والمذاهب بينهم أيضاً ، كما كان في اليهود ، حتّى الغُلاة صريحاً ، كقولهم ما قالوا في عيسى عليهالسلام كما مرّ أيضاً ، واتّخاذهم رهبانهم ـ كما أخبر اللّه سبحانه ـ ربّاً (١) .
وهكذا حال سائر السابقين من المليّين ، كما نقله جمع ممّن ذكر الملل ، ولا حاجة لنا إلى بيان ذلك أزيد ممّا بيّنّاه ، حيث أن لا غرض لنا مهمّاً في ذلك ، فلنذكر نبذاً ممّا وقع من قبيل ذلك في الإسلام من نحو قياس إبليس وشعبه التي مرّ بيان استمرارها في تلامذته وعبّاده باتّباع خطواته وشبهاته .
اعلم أنّ الشهرستاني بعد أن ذكر ما مرّ من أنّ أصل الشبهات كلّها من قياس الشيطان وشبهاته ، ونقل أنّ الشبهات التي وقعت في آخر الزمان كلّها هي بعينها تلك الشبهات التي وقعت في أوّل الزمان ، وأنّه كذلك كلّ شبهة من شبهات اُمّة كلّ نبيّ في آخر زمانه ناشئة من شبهات خصماء أوّل زمانه من الكفّار والمنافقين ، وأكثرها من المنافقين .
قال : وذلك غير خفيّ لنا من هذه الاُمّة وإن خفي من غيرها ، فإنّ شبهاتها كلّها نشأت من شبهات منافقي زمن النبيّ صلىاللهعليهوآله ؛ إذ لم يرضوا بحكمه فيما كان يأمر وينهى ، وشرعوا فيما لا مسرح فيه للفكر ولا مسرى ، وسألوا عمّا مُنعوا من الخوض فيه والسؤال عنه ، وجادلوا بالباطل فيما لا يجوز الجدال فيه ، وإنّ ذلك ليس إلاّ عملاً باستحسان العقل ، وحكماً
__________________
(١) تقدّم في الجزء الأوّل في ص ٤١٣ .