قال الشهرستاني : وأعظم خلاف بين الاُمّة خلاف الإمامة ؛ إذ ما سلّ سيـف في الإسلام على قاعـدة دينيّة مثـل ما سـلّ على الإمامة في كـلّ زمان .
ثمّ نقل مجملاً من حكاية السقيفة وخلافة أبي بكر ، وما جرى بين الصحابة في تلك القضيّة (١) ـ وسيأتي تفصيلها في مقالات المقصد الثاني لا سيّما الرابعة منها ـ وهي أيضاً بعينها من قبيل ما سبق من حكايتي الكتاب والجيش ، وغيرهما في المشابهة بأقيسة إبليس وتلامذته وشُبههم وتلبيساتهم ، لا سيّما من حيث كون البناء على أساس استحسان الرأي واقتضاء الهوى وقياس العقل ، حتّى في مقابل الأمر وفي استلزام الضلال والإضلال .
فإنّ خلاصتها ـ على ما هو مفاد صحاح أخبار القوم والجمع بينها وملاحظة بعضها مع بعض ـ أنّه لمّا توفّي رسول اللّه صلىاللهعليهوآله اشتغل عليّ عليهالسلام مع بعض الخواصّ بغسله وتجهيزه بأمره ووصيّته ، ولزوم تعجيل التجهيز الذي هو من أعظم حقّ الميّت ، لا سيّما مثل رسول اللّه صلىاللهعليهوآله ، وبقي اُناس حيارى في همّ وغمّ عظيم بإصابة تلك المصيبة العظمى ، واغتنم الفرصة من لم يشتغل بذاك ولم يضطرب بذا ، فذهب أبو بكر وعمر مع أبي عبيدة بن الجرّاح فوراً إلى جماعة من الأنصار بسقيفة بني ساعدة ، وشرعوا في إظهار لزوم تعيين الأمير والخليفة ، أي : رئيس للناس يكون في مقام النبيّ صلىاللهعليهوآله وإماماً لهم ، بحيث زعم الناس منهم أنّ النبيّ صلىاللهعليهوآله لم يعيّن أحداً لذلك ، بل ترك الاُمّة ورأيها ليختاروا من أرادوا ، وأنّ هذا أمر فوريّ لا بُدّ من تعجيل لتشخيصه (٢) ، فطمع فيها كلّ طامع ، ومدّ عينه إليها كلّ رطب ويابس ، وكان
__________________
(١) الملل والنحل للشهرستاني ١ : ٢٤ .
(٢) في «ش» : «تشخيصه» .