على أنّ الحقّ انحصار العترة هاهنا فيه وفي ولده بقرينة تقييدها في الخبر بقوله : «أهل بيتي» ، وانحصار أهل البيت بحسب أخبار آية التطهير في الخمسة (١) .
ومن هذا يظهر أنّ عملهم بالقياس هذا أقبح من قياس إبليس ؛ لعدم علمه بأكثر ما في آدم من الكمال ، بخلاف هؤلاء المطّلعين على عليّ عليهالسلام ـ كما تبيّن ـ على أكثر الأحوال.
وكما كان مبنى مخالفة إبليس وقياسه على محض رأيه واستحسان عقله ، حتّى أنّ أصل باعثه على هذا واقعاً كان الاستكبار والحسد ومتابعة هواه المرغّب له في عدم السجود ، كذلك هاهنا كان أصل مبنى ما صدر منهم ذلك اليوم ـ كما هو واضح من نقلهم قصّة ذلك اليوم ، كما أشرنا إلى خلاصتها آنفاً وستأتي في محلّها مفصّلة ـ على استحسان جمع منهم ـ لا سيّما بعض الأنصار ـ ما لفّقه بعض أعوان أبي بكر ممّا كان على مقتضى رأيهم بحسب ما كان هواهم فيه ، من دون ملاحظة غير ما هو من هذا القبيل ، كدلالة آية محكمة ، أو سنّة قائمة ، أو حجّة قاطعة ؛ بحيث إنّهم لم يتذكّروا وجود كتاب أو سنّة ، فضلاً عن ورود الأمر بالأخذ بهما ، مع صياح عمر يوم منع النبيّ صلىاللهعليهوآله عن الكتابة : حسبنا كتاب اللّه !
بل لم يتركوا فرصة لأحد في تذكّر الكتاب أو الرجوع إليه ، حتّى أنّهم لم يفعلوا أن يصبروا حتّى يفرغ الناس من تجهيز رسول اللّه صلىاللهعليهوآله ، فيجتمع جميع من حضر المدينة من بني هاشم والمهاجرين والأنصار ، ولا أقلّ من عليّ عليهالسلام والعبّاس وسائر أعيان الصحابة الكبار من قبيل : سلمان ،
__________________
(١) انظر : نهج الحقّ : ١٧٣ ـ ١٧٤ ، والصراط المستقيم ١ : ١٨٤ .