وأمّا حسد بعض الأنصار ابن عمّه سعد بن عبادة في إعانتهم فظاهر ، كما سيأتي مفصّلاً في حكاية السقيفة .
ومن صريح الشواهد على هذا ، بل أوضح القبائح : ما أشرنا إليه آنفاً (١) من أنّ هؤلاء بعد بيعتهم الخاصّة في ذلك الموضع ومجيئهم إلى المسجد لم يفعلوا أيضاً أن يجمعوا فيما بعد الذين ذكرناهم ، ويستشيروهم في أمرهم على سبيل الشور والاختيار ، حتّى يتيسّر لمن كان عنده شيء من العلم والمصلحة في ذلك أن يبرز ما في قلبه إلى حدّ الإظهار ، بل مضوا على إجراء تلك البيعة على الصغار والكبار ولو على سبيل الحكم والإجبار ، بحيث لم يقدر أكثر الناس على التفوّه إلاّ بما لم يكن فيه شيء من روائح الإنكار ، حتّى أنّه لمّا تكلّم بعضهم ولو بما كان فيه من إظهار خطئهم نوع إشعار ، زجروه وأهانوه بما قدروا عليه حتّى سكت وأطاعهم ظاهراً ولو كان عندهم من كبار الأخيار .
وسيأتي في مقالات المقصد الثاني بيان ما ينادي بجميع ذلك مفصّلاً ، وأنّ هذا هو حقيقة حال ما تشبّث به الجمهور في تصحيح أمر السقيفة ، وبيعة الخلافة من دعوى الإجماع ، مع بيان تحقيق معنى ما هو المراد بالإجماع الذي روي عن النبيّ صلىاللهعليهوآله من أنّ المراد به اجتماع جميع الاُمّة ، بحيث لم يبق أحد حتّى يقطع بدخول المحقّين فيه ، وتوضيح أنّ هذا ليس منه في شيء ، بل إنّ (٢) أصل مبناه على محض ما ذكرناه من رأي هؤلاء الجمع حتّى في مقابل الأمر ، بل ولم يكن من رأي جميع اُولئك
__________________
(١) في «ش» زيادة : «أيضاً» .
(٢) كلمة «إنّ» لم ترد في «م» .