الفصل الثالث
في بيان أنّ دأب الأنبياء صلّى اللّه عليهم ، وأتباعهم إنّما كان التسليم لأمر اللّه وأخذ العلوم والأحكام جميعها من اللّه : ( لَا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ ) (١) ، دون ما سوى ذلك ممّا بيّنّا بطلانه .
اعلم أنّ من تأمّل مع الاتّصاف بالإنصاف فيما تقدّم في الفصول السابقة ـ لا سيّما الأخيرين ـ لم يبق له مجال شبهة في أنّ حال الأنبياء وأتباعهم يجب أن يكون على هذا المنوال دائماً ، بل لم يزل دأب الأنبياء عليهمالسلام من زمان آدم عليهالسلام ، وكذا دأب أتباعهم الذين لم يحصل منهم ما يخالف مسلك أنبيائهم ، كأوصيائهم وأوليائهم كان كذلك من غير تخلّف عن ذلك ؛ ولهذا لم يكن خلاف ولا اختلاف ، اللّهمّ إلاّ بالنسخ مثلاً ، وإنّ هذه الحالة كانت لهم أيضاً بأمر اللّه عزوجل ، بحيث لم يجز لهم غير ذلك ، اللّهمّ إلاّ بتفويض من اللّه في بعض الأشياء ، وسيأتي في المقالات الآتية مزيد بيان لهذا أيضاً .
ومع هذا نذكر هاهنا بعض الآيات والروايات وغيرها الدالّة على هذا المطلب ، فإنّ أكثر الآيات قد مضت في الفصلين الأخيرين ، كما هو غير خفيٍّ على المتأمّل فيها ، وربّما نعيد ذكر بعضها هاهنا :
__________________
(١) سورة الأنبياء ٢١ : ٢٧ .