ولنذكر هاهنا أيضاً بعض الروايات وغيرها ليتّضح بها مفاد الآيات ، لكن ليعلم أوّلاً : أنّ توضيح أصل المدّعى هاهنا ـ أعني : انحصار كون كلّ علوم الأنبياء وأتباعهم الأوصياء فيما يكون وارداً من اللّه عزوجل دون غير ذلك من التصرّفات الخيالية التي مضت ـ موقوف أوّلاً : على أن يعلم أنّ وصول العلم من اللّه إليهم إنّما هو من وجوه عديدة معلومة عندهم ، كلٌّ على حسب قابليّته ، كالوحي بالنسبة إلى خصوص الأنبياء ، وكالإلهام ، والمنام ، والتعلّم من الأنبياء ، وإخبار الملك حتّى من روح القدس الذي كان مع نبيّنا صلىاللهعليهوآله وأوصيائه عليهمالسلام ، وكالرجوع إلى الكتب الإلهيّة ولو على سبيل الاستنباط ، وبعض القواعد الواردة من اللّه منصوصاً ، ونحو ذلك بالنسبة إلى الكلّ ، حتّى أنّ من ذلك ما فوّض اللّه إلى بعضهم خصوصاً ولو في بعض الأشياء ، كما سيأتي بيان ذلك كلّه مفصّلاً في مقالات المقصد الأوّل ، لا سيّما في أوّل فصول المقالة الأخيرة .
وخلاصة مفاد الجميع ـ كما هو معلوم على من لاحظها ـ أنّ جميع تلك الطرق على جهة العلم والقطع واليقين في أنّها مع مفادها من اللّه ربّ العالمين ، من غير احتمال تطرّق شكّ أو خطأ في ذلك ، أو كونه على وجه الظنّ والتخمين ؛ ولهذا حكى اللّه عنهم في مواضع بقوله : ( إِنِّي عَلَىٰ بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّي ) (١) ، وأمثال ذلك ممّا هو صريح في إفادة اليقين .
ثمّ موقوف أيضاً : على ملاحظة الآيات المذكورة وأمثالها بعضاً مع
__________________
(١) سورة الأنعام ٦ : ٥٧ .