أقول : ويظهر من بعض ما رأينا من الكتب التي نقل فيها عن اليهود أنّ العلوم والوصاية المذكورة انتقلت بوصيّة موسى ويوشع من شُبّر إلى شُبير ، ثمّ إلى ابن شُبير وهلمّ جرّاً ، حتّى لم تكن في نسل شبّر أصلاً .
ثمّ ذكر الشهرستاني أنّ اليهود قالوا : إنّ الشريعة لا تكون إلاّ واحدة ، لكنّهم زعموا أنّها ابتدأت بموسى عليهالسلام وتمّت به ، وأنّه لم يكن قبله إلاّ حدود عقليّة وأحكام مصلحيّة (١) ، وهو باطل خلاف صريح القرآن وغيره ، كما سيظهر .
ثمّ ذكر أيضاً : أنّ في التوراة أنّ الأسباط من بني إسرائيل كانوا يراجعون علماء بني إسماعيل ، ويعلمون أنّ في ذلك الشعب علماً لدُنّيّاً وإن لم يشتمل التوراة عليه (٢) .
أقول : ولعلّ حكاية موسى والخضر (٣) عليهماالسلام أيضاً من هذه الجهة .
ثمّ إنّه أيضاً قال : وقد نقل في التاريخ أنّ بني إسماعيل كانوا يُسمَّون : آل اللّه ، أي : أهـل اللّه ، وأولاد إسرائيل : آل موسى وهارون عليهماالسلام (٤) ، انتهى .
وقال القاضي عياض في كتاب الشفا : كان فيما ذكر المحقّقون أنّ النبيّ صلىاللهعليهوآله وكذا سائر الأنبياء كانوا مجبولين على العلوم الكاملة والصفات الحسنة في أصل خلقتهم وأوّل فطرتهم ، لم تحصل لهم تلك باكتساب ولا برياضة (٥) إلاّ بجود إلهي وخصوصية ربّانيّة ، وأنّ علم النبيّ صلىاللهعليهوآله وعقله كان كاملاً جبلّيّاً من عطاء اللّه تفضّلاً ، وأنّه عالم العلوم تماماً .
__________________
(١) الملل والنحل للشهرستاني ١ : ٢١١ .
(٢) الملل والنحل للشهرستاني ١ : ٢١٣ .
(٣) في «س» و«م» و«ن» : «خضر» وما أثبتناه من «ش» .
(٤) الملل والنحل للشهرستاني ١ : ٢١٣ .
(٥) في «م» : «بوصاية» .