أعظمها فتنةً على اُمّتي قوم يقيسون الأمر ، فيحرّمون الحلال ، ويحلّلون الحرام» (١) .
وما رواه أبو داوُد في صحيحه : عن معاوية ، عن النبيّ صلىاللهعليهوآله أنّه قال : «ألا إنّ من كان قبلكم من أهل الكتاب افترقوا على ثنتين وسبعين ملّة ، وإنّ هذه الاُمّة ستفترق على ثلاث وسبعين ملّة ، ثنتان وسبعون في النار ، وواحدة في الجنّة ، وإنّه سيخرج من اُمّتي أقوام تَجَارى بهم تلك الأهواء كما يَتجارى الكَلب بصاحبه ، لا يبقى منه عرق ولا مفصل إلاّ دخله» (٢) ، الخبر .
هذا ، مع ما سبق أيضاً ممّا يدلّ على أنّ اختلاف الاُمم السابقة أيضاً كان بسبب ترك متابعة الأوصياء ، والاعتماد على الآراء .
ثمّ لا يخفى عليك أنّك إذا أحطت خبراً بما بيّنّاه ، ظهر لك بطلان ما توهّمه المخالفون في الحديث الأخير ، حيث زعموا ـ بناءً على رسوخهم في حسن حال كلّ الصحابة ـ أنّ في قوله صلىاللهعليهوآله : «هم ما أنا عليه وأصحابي» (٣) دلالةً على صحّة جميع ما صدر من الصحابة بعده ولو بحسب الرأي ، من غير أن يلاحظوا ـ كما هو دأبهم ـ ما أوضحناه من دلائل خلافه ، لا سيّما قوله صلىاللهعليهوآله : «ما أنا عليه . . . » ، وملاحظة بعض الأخبار مع بعض ، وكون مدار الصحابة في زمانه ـ الذي وقت ورود الخبر ـ على محض إطاعة ما ورد عن اللّه ورسوله صلىاللهعليهوآله ، وظهور كون الرأي منشأ الاختلافات كلّها ،
__________________
(١) تاريخ بغداد ١٣ : ٣٠٧ ، ٣٠٨ ، ٣٠٩ ، فردوس الأخبار ٢ : ٩٨ / ٢١٧٦ ، وفيهما بتفاوت ، وتقدّم تخريجه أيضاً في ص ٤٩ ، هامش (٣) .
(٢) سنن أبي داوُد ٤ : ١٩٨ / ٤٥٩٧ بتفاوت يسير ، وتقدّم أيضاً في ص ٤٩ ـ ٥٠ .
(٣) مرّ تخريجه في ص ٢١٨ ، هامش (١) .