بينهم .
هذا ، مع كون هذه الأخبار أيضاً كالصريحة في ذلك ، كيف لا ؟ وقد كفى تصريح النبيّ صلىاللهعليهوآله : بأنّ الفرقة الناجية إنّما تكون في كلّ اُمّة جزءاً من بضع وسبعين جزءاً من الاُمّة.
فعلى هذا لا بُدّ من حمل السواد الأعظم على غير ما هو المتعارف ، كالقرآن مثلاً ، بأن يكون المراد أهل علم القرآن الذين قرنهم اللّه ورسوله به في التمسّك ، واتّباعهم ، أو يقال بكون هذه اللّفظة من تحريفات المحرّفين عمداً أو غير متعمّدين؛ إذ سيأتي في محلّه كثرة وقوع أمثال ذلك ، لا سيّما في زمن بني اُميّة ، ويؤيّده التوهّم أيضاً في إيراد لفظة : «إحدى» بدل «ثنتين» .
وقد ذكر بعض الأفاضل في قوله صلىاللهعليهوآله : «هم ما أنا عليه وأصحابي» (١) كلاماً موضّحاً لما ذكرناه في هذا المقام ، بل نافعاً في غيره أيضاً ، ولنذكر خلاصةً منه .
قال : المراد بالأصحاب هاهنا : إمّا كلّ الصحابة جميعاً ، أو أفراداً ، أو بعض مبهم ، أو معيّن ، لا سبيل إلى الأوّل ؛ لأنّ معنى العبارة يكون حينئذٍ : إنّ كلّ من اتّبع ما اتّفق عليه مجموع أصحابي فهو الناجي ، وهذا هو معنى الإجماع الصحيح ، فيكون هذا دليل ما لا نزاع في صحّته من لزوم اتّباع ما اجتمع عليه كلّ الصحابة ، بحيث لا يشذّ منهم أحد ، ولا مدخل له حينئذٍ في الدلالة على تعيين الفرقة الناجية ، بل يلزم على هذا التقدير أنّ من اتّبع قول بعض الصحابة وترك العمل بقول البعض الآخَر لم يكن من أهل النجاة ،
__________________
(١) تقدّم تخريجه في ص ٢١٨ ، هامش (١) .