تفصيل بعض مذاهب اليهود والنصارى ، وأنّ كلاًّ منهما اختلفوا ، حيث لم يقتصر اليهود بعد موسى عليهالسلام على متابعة يوشع بن نون الذي أوصى إليه موسى وأودعه العلوم والتوراة ، فأدخلوا في أمره غيره حتّى تشوّشت الأحوال واختلف الرجال ، وكذا بعينه النصارى لم يقتصروا بعد عيسى عليهالسلام على متابعة شمعون وصيّه وعالم اُمّته ، فأدخلوا في أمره غيره من الحواريّين حتّى صار ما صار من الاختلاف .
ولنذكر ها هنا (١) نبذاً من ذلك الاختلاف ، حيث لا حاجة إلى الإطالة بالاستقصاء:
فمن اليهود من أنكر النسخ ومن جوّزه ، ومن أنكر البداء ومن أجازه ، ومن قال بالتشبيه ومن نفاه ، ومن قال بالقدر ، ومن قال بالجبر ، ومن قال بالجسم والرؤية ومن أنكرها ، وفيهم من قال : كلّ ما يدلّ على الرؤية والكلام ونحو ذلك ، فالمراد رؤية الملك وكلامه ونحوهما ؛ إذ قال : إنّ اللّه اختار ملكاً وخاطب الأنبياء بواسطته ، حتّى قال : إنّ المراد بالشجرة أيضاً ذلك الملك ، وفيهم من أجاز الرجعة ومن أنكرها ، ومن أنكر بعض أنبيائهم (٢) . وأكثرهم جعلوا بناء تديّنهم على الآراء ومتابعة الآباء والكبراء ، حتّى ادّعوا الإجماع في كثير من البدع بمحض الشهرة عند أهـل تلك البدع .
وخلاصة نقل أحوالهم ، كما يظهر من كلام بعض الناقلين ، لا سيّما من أسلم منهم ونقل بعض أحوالهم ، وكذا من روايات آل محمّد العلماء الصادقين صلوات اللّه عليهم أجمعين : أنّ موسى عليهالسلام لمّا ذهب إلى الطور
__________________
(١) في «ش» زيادة : «أيضاً» .
(٢) انظر : الملل والنحل للشهرستاني ١ : ٢١١ ـ ٢١٣ .