وبالجملة : ترتقي أنواع مذاهب هذا القسم بحسب معظم اختلافاتهم ـ ولو في غير الأئمّة أيضاً ـ إلى ستّين فرقة فيها ما يتشعّب إلى فِرَق شتّى .
وأمّا القسم الثاني ، فهو على نوعين :
أحدهما : الذين شاركوا القسم الأوّل في الاعتماد على الرأي والاجتهاد وأمثال ذلك ، حتّى أنّه يلزم بعضهم القول بعدم لزوم كون تعيين الإمام من اللّه ورسوله ، ولا كونه كالنبيّ في العلم والعصمة وإن قالوا بكون إمامة عليّ والحسنين عليهمالسلام من اللّه ورسوله صلىاللهعليهوآله ؛ لما فيهم من الأولويّة والنصّ ؛ ولهذا صار هؤلاء أيضاً فِرَقاً شتّى كما سنذكرها ، ولعلّ معظمها يرتقي إلى ما أخبر به أمير المؤمنين عليهالسلام ، حيث روى عنه جماعة أنّه ذكر اختلاف هذه الاُمّة إلى ثلاث وسبعين فرقة ، فقال : «ثلاث عشرة فرقة منها من ينتحل ولايتي ويعترف بإمامتي ، واثنتا عشرة منها في النار ، وواحدة في الجنّة» (١) .
ومنه يظهر توهّم من قال : إنّ الثلاث والسبعين فرقة كلّها من الشيعة باحتساب شعبها الجزئيّة أيضاً (٢) ، والحقّ ما ذكرناه .
وأمّا النوع الثاني : فهم الذين خالفوا جميع ما ذكرنا من الفِرَق كلّها ، فقالوا : إنّ التديّن بالرأي والقياس ونحوهما ليس بجائز مطلقاً ، ولم يكن من طريقة الأنبياء (أبداً ، ولا أوصيائهم) (٣) أيضاً ، لا سيّما في تعيين الخليفة من النبيّ والوصيّ ، الذي به قوام الدين ونظام المسلمين ، بل إنّما هو من
__________________
(١) الأمالي للطوسي : ٥٢٣ ـ ٥٢٤ / ١١٥٩ ، الاحتجاج ١ : ٦٢٥ / ١٤٥ ، بشارة المصطفى : ٣٣٤ / ٢٢ ، وفيها بتفاوت .
(٢) الملل والنحل للشهرستاني ١ : ١٦٥ .
(٣) بدل ما بين القوسين في «م» : «ولا الأوصياء» ، وفي «ن» و«ش» : «أبداً وأوصيائهم» .