ثمّ إنّ لهم تفاسير مختلفة في بعض ألقاب المذاهب التي ذكروها ، بحيث تبرّأ كلٌّ منهم عن المذموم منها ونسبه إلى غيره مفسّراً ذلك بما يناسبه ، وفعلوا عكس ذلك في الممدوح .
ولا بأس إن بيّنّا بعض ذلك هاهنا ليتّضح ما هو الحقّ أيضاً ، فمن تلك الألقاب التلقّب بأهل السنّة والجماعة .
وقد روى بعض منهم ما يدلّ على مدحه كما هو المتبادر من اللفظ أيضاً ، فمن ذلك أنّ النبيّ صلىاللهعليهوآله لمّا أخبر «بتفرّق اُمتّه إلى ثلاث وسبعين فرقة واحدة منها ناجية» قيل له : ومن الناجية ؟ قال : «أهل السنّة والجماعة» (١) ، الخبر .
وقد انتحل هذا اللقب أوّلاً الذين قالوا بخلافة أبي بكر وعمر ، واتّخذوه لأنفسهم في مقابل الشيعة ؛ لادّعائهم أنّهم على سنّة رسول اللّه صلىاللهعليهوآله وما عليه جماعة المسلمين ومعظمهم ، ولقّبوا الشيعة الذين تمسّكوا بالكتاب والعترة وقالوا بخلافة عليّ عليهالسلام بعد النبيّ صلىاللهعليهوآله بأهل البدعة والفرقة ! حيث ادّعوا أنّ مذهبهم مستحدث مخالف لما كان عليه عامّة الصحابة ، ثمّ بعد ذلك انتحله من بينهم معظم الفِرَق المقابلة للعدليّة ، فسمّوا أنفسهم به ؛ لادّعائهم أنّهم على مذهب سلفهم من أهل زمان الصحابة والتابعين ، وأهل العدل منهم يسمّون هؤلاء جبريّة .
__________________
الحارث بن شريح الخارجي يقصّ ويعظ ، فحاربهم نصر بن سيار فاُسر في الحرب ، مات في حدود سنة ١٢٨هـ .
انظر : المنتظم ٧ : ٢٦٧ / ٦٩٠ ، ميزان الاعتدال ١ : ٤٢٦ / ١٥٨٤ ، لسان الميزان ٢ : ٢٥٧ / ٢١٦٥ ، الأعلام ٢ : ١٤١ .
(١) الملل والنحل للشهرستاني ١ : ١٣ .