والحقّ أنّ مصداق هذا اللقب هم الذين يكون مناط دينهم مقصوراً على محض الأخذ (بما علم أنّه) (١) من اللّه ورسوله صلىاللهعليهوآله ، المنحصر فيما يدلّ عليه محكمات كتاب اللّه ، وما نقله الثقات عن رسول اللّه صلىاللهعليهوآله ، دون غير ذلك أيّ شيء كان ؛ لوجوه كثيرة مرّ بعضها ، لا سيّما في بيان ذمّ الرأي والاختلاف ، ويأتي كثير منها .
كيف لا ؟ وإنّ آخر الحديث المذكور كالصريح في ذلك ؛ إذ تتمّة الحديث ـ كما صرّح به الشهرستاني وغيره ـ هكذا : قيل : يا رسول اللّه وما السنّة والجماعة؟ فقال : «ما أنا عليه اليوم وأصحابي» (٢) ؛ إذ قد بيّنّا أنّ في زمان النبيّ صلىاللهعليهوآله وآله لم يكن معمولاً ، بل ولا جائزاً إلاّ ما ذكرناه .
والذي هو مقطوع به أنّ عليّاً عليهالسلام كان كذلك ، ولم يتخلّف بعد النبيّ صلىاللهعليهوآله عن ذلك ؛ حيث كان عنده كمال العلم بذلك ، وأمّا غيره فلم يكن أحد بتلك المثابة حتّى باعتراف أعاديه .
ولقد كفى في هذا ما ظهر من غيره من الاختلافات والجهالات والرجوع إلى ما لم يكن في زمان النبيّ صلىاللهعليهوآله من أنواع الآراء والاجتهادات ، حتّى من أبي بكر وعمر كما مرّ نبذ منها ويأتي أيضاً ، حتّى أنّ أحمد بن حنبل روى في مسنده عن أبي بكر : أنّه قام على المنبر بعد وفاة النبيّ صلىاللهعليهوآله بشهر ، فقال ـ وذكر كلامه إلى أن قال ـ : ولئن أخذتموني بسنّة نبيّكم صلىاللهعليهوآله ما اُطيقها ؛ إنّه كان معصوماً من الشيطان ، وكان ينزل عليه الوحي (٣) .
__________________
(١) ما بين القوسين لم يرد في «م» .
(٢) الملل والنحل للشهرستاني ١ : ١٣ .
(٣) مسند أحمد ١ : ٢٤ / ٨١ .