الوعيديّة (١) الذين سيأتي أيضاً بيان مقالتهم .
وعلى أيّ تقدير ، ليس أحد من كلّ هؤلاء الفِرَق موافقاً لقول الإماميّة كما سيظهر ، ومنه يتبيّن توهّم من احتمل كون الإماميّة مصداق المرجئة بمعنى إعطاء الرجاء؛ إذ لو فرض كون الإرجاء بهذا المعنى دون التأخير ، فلا شكّ في عدم وجـود قائلٍ في الإماميّة بلزوم ذلـك على اللّه مطلقاً ، كما هو قول هؤلاء القائلين بعدم مدخليّة العمل في الإيمان بوجـه . نعم ، إنّهم يقولون : إنّ اللّه عزوجل لمّا وعـد أن يتفضّل على مـن يشاء من المؤمنين بالعتـق مـن العقاب؛ إنّه لا يخلف الميعاد ، فنحن نرجـو أن يدخلنا في ذلـك بفضله ، وهذا ممّا لا شكّ في صحّته كتاباً وسنّةً ، بل إجماعاً أيضاً ، فافهـم .
وأمّا القدريّة : فقد ذكروا للقدر تفسيرَين يشمل أحدهما المفوّضة الذين هم المعتزلة وأشباههم ، والآخَر الجبريّة الذين هم الأشاعرة وأمثالهم ، كما سيأتي ، وقد نسب كلّ واحدٍ الآخَر إلى هذا اللقب وبرّأ نفسه منه مع أنّ كلاًّ منهما واقع فيه من حيث لا يشعر ؛ لأنّ الحقّ الذي بيّنه اللّه لرسوله صلىاللهعليهوآله وهو قد علّم به وصيّه عليّاً والأوصياء الأئمّة عليهمالسلام ، كما صرّح به كلّ واحد منهم في أخبارهم المتواترة أن «لا جبر ولا تفويض ، بل أمرٌ بين
__________________
(١) الوعيديّة : هم الذين لا يجوّزون العفو عن الكبائر ويذهبون إلى القول بالإحباط ، قيل : هم من المعتزلة ، قالوا بتكفير صاحب الكبيرة وتخليده في النار ، ثمّ اختلفوا ، فقال أبو عليّ الجبائي بالإحباط ، أي : إحباط الكبيرة لجميع أعماله الصالحة ، وقال ابنه أبو هاشم بالموازنة وقيل : الوعيديّة داخلة في الخوارج .
انظر : الملل والنحل للشهرستاني ١ : ١١٤ ، تلخيص المحصّل : ٤٠٣ ـ ٤٠٤ و٤٦٧ ، دائرة معارف القرن العشرين ١٠ : ٧٨٨ ، معجم الفِرَق الإسلامية : ٢٦٧ .