الإطالة بلا طائل ، بل نكتفي بذكر خلاصة ممّا لا بدّ من ذكره ، فهاهنا ثلاثة مطالب :
المطلب الأوّل :
في بيان الفِرَق التي معدودة من القسم الأوّل ، وهم على أصناف شتّى : كالمفوّضة ، والجبريّة ، والمشبّهة ، والمرجئة ، والوعيديّة ، والخوارج وغيرها ؛ بحيث يشتمل كلّ صنف أيضاً على فِرَق عديدة يرتقي ما اشتهر منها وتميّز عن غيره ـ ولو بحسب بعض اُصول العقائد ـ إلى ستّين فرقة ، وها نحن نبيّن ما يحتاج إلى البيان من فِرَق كلّ صنف في ضمن أربعة مباحث :
المبحث الأول : في بيان الفِرَق المعدودة من صنف المفوّضة الملقّبة عند الأكثر بالقدريّة؛ لاجتماع عامّتهم على أنّ اللّه تعالى فوّض جميع اُمور العباد إليهم ومكّنهم عليها ، حتّى صاروا مستقلّين في أفعالهم ؛ بحيث لا حاجة لهم في شيء منها إليه ، وليس له تعالى فيها صنع ، لا بالتوفيق والعصمة والخذلان وأمثالها ، ولا بالمشيئة والإرادة والقضاء والقدر ونحوها .
قالوا : ولأجل هذا صار العباد يستحقّون على ما يفعلون الثواب والعقاب في الآخرة على وفق وعد اللّه ووعيده عدلاً منه سبحانه ؛ ولهذا يقال لهم : العدليّة أيضاً ، لكن كما قال الصادق جعفر بن محمّد عليهماالسلام : «إنّ هؤلاء الجماعة أرادوا أن يصفوا اللّه بعدله فأخرجوه من سلطانه» (١) .
وقد قال الرضا عليهالسلام : «إنّ هؤلاء القدريّة لم يقولوا بقول اللّه ولا بقول
__________________
(١) التوحيد : ٣٨٢ / ٢٩ .