واختار في بعض المسائل رأياً غير رأيه ، فسُمّي هو وأصحابه : معتزلة ثمّ غلب على سائر المفوّضة التي ذكرنا اعتقادها .
ويقال لأصحاب واصل المذكور : «الواصلية» أيضاً انتساباً إلى كبيرهم ، وهم عمدة القائلين بما مرّ من التفويض والقدر .
قال الشهرستاني : ومن مذهبهم ـ أي : الواصلية ـ أنّ صاحب الكبيرة لا مؤمن مطلقاً ولا كافر مطلقاً ، بل هو في منزلة بين المنزلتين ، لكنّه إذا خرج من الدنيا ولو على كبيرة بلا توبة فهو من أهل النار خالداً فيها إلاّ أنّه يخفّف عنه العذاب وتكون دركته فوق دركة الكفّار.
قال : ومن مذهبهم أيضاً أنّ أحد الفريقين من أصحاب الجمل مخطئ لا بعينه ، يعني أنّ أحدهما على الخطأ في نفس الأمر ، لكن نحن لا نعلم أنّه أيّهما ؟ ! ولهذا قالوا : لو شهد عندنا عليّ عليهالسلام وطلحة والزبير وعائشة على باقة بقلٍ لم نحكم بشهادتهم ، وكذا قالوا في عثمان وقاتليه وخاذليه : إنّ أحد الفريقين فاسق لا محالة ، كما أنّ أحد المتلاعنين فاسق لا محالة لكن لا بعينه .
قال : ويجوّزون أن يكون عليّ عليهالسلام وعثمان على الخطأ .
قال : وقد وافق هؤلاء في المذهب عمرو بن عبيد ، وكان تلميذ واصل ، لكن زاد عليهم في تفسيق أحد الفريقين لا بعينه من أهل الجمل وصفّين (١) .
__________________
محمّد بن سيرين من التابعين ، نشأ بوادي القرى ، وأدرك كثيراً من الصحابة ، وله كتب منها : التفسير ، وكتاب في فضائل مكّة ، مات سنة ١١٠هـ .
انظر : المعارف : ٤٤٠ ، الثقات ٤ : ١٢٢ ، الفهرست لابن النديم : ٢٠٢ ، مروج الذهب ٣ : ٢٠٣ ، وفيات الاعيان ٢ : ٦٩ / ١٥٦ ، سير أعلام النبلاء ٤ : ٥٦٣ / ٢٢٣ .
(١) الملل والنحل للشهرستاني ١ : ٤٨ ـ ٤٩ بتفاوت .