لأنّه (١) ابتُلي بكتب الفلاسفة ، وخلط بين كلامهم وكلام المعتزلة ، ولم يجعل مناط دينه كلام أئمّته ؛ ولهذا صار في معزل عنهم ، حتّى قال بأنّ اللّه تعالى ليس بقادر على فعل القبيح ، لا أنّه قادر ولم يفعل ولا يفعل .
وقال : إنّه لا يقدر على أن يزيد في عذاب أهل النار ، ولا أن ينقص منه شيئاً ، ولا على أن ينقص شيئاً من نعيم الجنّة ، وهكذا نفى قدرته على فعل ما ليس بصلاح (٢) .
وبالجملة : يلزمه (٣) أن يكون البارئ تعالى عنده مطبوعاً مجبوراً على ما يفعله .
وله أقوال سخيفة أخذها من الفلاسفة ، وأبدع هو بعضاً منها ، وأقوال صحيحة أخذها من الإماميّة ، ولا حاجة إلى الإطالة بذكرها .
ثمّ منهم : الخابطيّة وهم أصحاب أحمد بن خابط (٤) (٥) .
والحدثية : وهم أصحاب الفضل بن الحدثي (٦) .
وهما من أصحاب النظام ، لكن اختار كلٌّ منهما مذاهب هي الكفر الصريح .
قال الشهرستاني نقلاً عن ابن الراوندي (٧) : إنّهما كانا يزعمان أنّ
__________________
(١) في «م» : «فإنّه» .
(٢) الملل والنحل للشهرستاني ١ : ٥٤ .
(٣) في «م» : «يلزم» .
(٤) في «ش» : «حائط» .
(٥) انظر : الفرق بين الفِرَق : ٢٢٨ ، و٢٧٣ ، و٢٧٧ ، الملل والنحل للشهرستاني ١ : ٦٠ ، الأنساب ٢ : ٣٠٢ .
(٦) انظر : الفرق بين الفِرَق : ٢٧٧ ، الملل والنحل للشهرستاني ١ : ٦٠ .
(٧) هو أحمد بن يحيى بن إسحاق الراوندي البغدادي، يكنّى أبا الحسين، وله