قال الشهرستاني : مبالغته في القدر أشدّ من مبالغة أصحابه ، وكان يمنع من إطلاق إضافات الأفعال إلى اللّه تعالى وإن ورد به التنزيل ، فكان يقول : إنّ اللّه لا يؤلّف بين قلوب المؤمنين ، بل هم المؤلّفون ، وإنّ اللّه لا يحبّب الإيمان إلى المؤمنين ، ولا يزيّنه في قلوبهم وأمثال ذلك .
قال : ومن بدعته قوله بأنّ الإمامة لا تنعقد في أيّام الفتنة واختلاف الناس ، بل إنّما يجوز عقدها في حال الاتّفاق والسلامة .
قال : وإنّما أراد بذلك الطعن في إمامة عليّ عليهالسلام بعد قتل عثمان .
قال : ومن بدعته أنّ الجنّة والنار ليستا مخلوقتين الآن (١) .
ومنهم : العبّادية أصحاب عبّاد (٢) ، وهم من الطائفة السابقة ، لكن زادوا عليهم في بعض الأشياء ، حتّى كانوا يمنعون من إطلاق القول بأنّ اللّه تعالى خلق الكافر ؛ لأنّ الكافر كفر وإنسان ، واللّه تعالى لا يخلق الكفر .
ثمّ منهم : الجاحظيّة ، وهم أصحاب عمرو بن بحر الجاحظ المشهور ، ونقلوا عنهم مذاهب سخيفة أيضاً ، كقولهم بأنّ أهل النار لا يخلّدون فيها
__________________
عبّاد ابن سلمان وغيره ، وله كتب ، منها : المخلوق ، الردّ على الأصمّ في نفي الحركات ، الاُصول الخمس ، وغيرها ، مات سنة ٢٢٦ هـ .
انظر : الفهرست لابن النديم : ٢١٤ ، الملل والنحل للشهرستاني ١ : ٧٢ ، سير أعلام النبلاء ١٠ : ٥٤٧ / ١٧٧ ، طبقات المعتزلة : ٦١ .
(١) الملل والنحل للشهرستاني ١ : ٧٢ .
(٢) هو عبّاد بن سلمان بن عليّ البصري المعتزلي ، يكنّى أبا سهل ، من أصحاب هشام الفوطي ـ الذي أسلفنا ذكره ـ وهو يخالف المعتزلة في أشياء ، ويختصّ بأشياء اخترعها لنفسه ، له كتب ، منها : إنكار أن يخلق الناس أفعالهم ، تثبيت دلالة الأعراض ، إثبات الجزء الذي لا يتجزّأ .
انظر : الفهرست لابن النديم : ٢١٥ ، سير أعلام النبلاء ١٠ : ٥٥١ / ١٨٣ ، طبقات المعتزلة : ٧٧ .