والزمخشري ، وابن أبي الحديد ، والقاضي عبد الجبّار (١) وأمثالهم ، وأكثرهم من معتزلة بغداد ، وهم خالفوا بعض مشايخهم السلف في بعض المسائل ، حتّى أنّ جمعاً منهم قالوا بعصمة الأنبياء ، بل إنّ بعضاً منهم ـ بل من سلفهم أيضاً ـ قالوا بأفضليّة عليّ بن أبي طالب عليهالسلام على سائر الصحابة أجمعين ، حتّى أنّهم صرّحوا بضلالة معاوية وأصحابه (٢) ، بل منهم من صرّح بأنّ الخلافة كانت حقّاً لعليّ عليهالسلام من وجوه ، منها : ورود الأمر من النبيّ صلىاللهعليهوآله تعريضاً إلاّ أنّ عليّاً عليهالسلام رضي بما صدر من غيره في أخذ الخلافة منه ، فثبتت لهم (٣).
وقال جمع منهم : إنّ عليّاً عليهالسلام هو الإمام والمقتدى في الدين بعد سيّد المرسلين ، وإنّما كانت خلافة من تقدّم عليه في جباية الخراج ، وإجراء الحدود ، وانتظام ضبط المسلمين من قبيل سائر السلاطين (٤) .
وبالجملة : أكثر هؤلاء الجماعة ادّعوا أنّهم هم المراد بالشيعة ، كما قد سبقت الإشارة إليه ، ولكن كما قال أئمّة الإمامّيّة الصادقون : «كذب من ادّعى أنّه من شيعتنا وهو متمسّك بعروة غيرنا» (٥) ، وسيأتي مثله عن النبيّ صلىاللهعليهوآله
__________________
(١) عبد الجبّار بن أحمد بن عبد الجبّار الهمذاني المعتزلي ، يكنّى أبا الحسن ، قاضي القضاة ، شيخ المعتزلة ، ولي قضاء القضاة بالري ، كان في ابتداء حاله يذهب في الأُصول مذهب الأشعريّة ، وفي الفروع مذهب الشافعي ، وله كتب ، منها : المغني في الإمامة ، الدواعي والصوارف ، الاعتماد ، المبسوط وغيرها ، مات سنة ٤١٥ هـ .
انظر : تاريخ بغداد ١١ : ١١٣ / ٥٨٠٦ ، العبر ٢ : ٢٢٩ ، ميزان الاعتدال ٢ : ٥٣٣ / ٤٧٣٧ ، سير أعلام النبلاء ١٧ : ٢٤٤ / ١٥٠ ، طبقات المعتزلة : ١١٢ .
(٢) الحور العين : ٢٠٥ .
(٣) انظر : الملل والنحل للشهرستاني ١ : ١٦١ .
(٤) لم نعثر عليه .
(٥) صفات الشيعة (ضمن فضائل الشيعة للصدوق) : ٨٢ / ٤ .