غيرها من الفِرَق الموجودة في تلك العقيدة . ودون إثبات وجود مثل هذه في أحد منهم خرط القتاد ، كما هو ظاهر على المتأمّل الصادق في مقالاتهم ، المتتبّع لسائر العقائد ، ولولا خوف التطويل لذكرنا التفصيل ، فتأمّل .
المبحث الثاني: في بيان الفِرَق الذين لم يعدّوهم من صنف المعتزلة السابقة وإن شاركهم بعضهم في بعض المسائل ، بل عدّوهم من الأصناف المشتهرة بالأشاعرة ، والصفاتيّة ، والمجبّرة ، والمشبّهة ، والمسمّين عندهم بأهل السنّة وإن كان مرجع عامّتهم إلى القول بالجبر ؛ فإنّ مصداق القول بالجبر واقعاً ـ كما قدّمنا الإشارة إليه ـ هو نفي استطاعة الفعل حقيقة عن العبد وإضافته إلى الربّ عزوجل ؛ ولهذا أكثر المعتزلة يسمّون من لم يُثبت للقدرة الحادثة أثراً في الإحداث والإبداع استقلالاً جبريّاً ، وهؤلاء كلّهم شركاء في ذلك ، إلاّ أنّ منهم : من لا يُثبت للعبد فعلاً ولا قدرةً على الفعل أصلاً ، ومنهم : من يُثبت للعباد قدرةً ، لكن غير مؤثّرة أصلاً ، ومنهم : من يُثبت لقدرتهم أثراً ما في الفعل ويسمّيه كسباً ، ويقول بأنّ القدرتين مؤثّرتان جميعاً (١) .
لكن بعض الأشاعرة التجأ من الرمضاء إلى النار ، فأنكر كون الأخير جبريّاً وسمّاهم صفاتيّة (٢) ؛ بناءً على ما عليه أيضاً عامّة هؤلاء الطوائف المذكورة من القول بكون صفات البارئ تعالى كلّها حتّى الكلام وغيره من صفات الفعل ، قديمة أزليّة زائدة على الذات المقدّسة ، بعكس المعتزلة ؛ حيث نفوا زيادة الصفات القديمة ، فقالوا بعينيّة صفات الذات وحدوث
__________________
(١) انظر : الملل والنحل للشهرستاني ١ : ٨٥ .
(٢) انظر : الملل والنحل للشهرستاني ١ : ٩٣ .