الآن بقيّة الفِرَق التي أكثرها من المرجئة ، وقد مرّ معناها فتذكّر .
فمن هؤلاء : اليونسيّة أصحاب يونس النميري (١) ، وخلاصة مذهبهم : أنّ الإيمان هو معرفة اللّه والخضوع له ، وترك الاستكبار عليه دون غير ذلك ، وأنّه إذا كان الإيمان خالصاً واليقين صادقاً لا يضرّ ترك العبادات ولا يعذّب عليها ، وزعموا أنّ إبليس كان عارفاً لكنّه كفر باستكباره على اللّه (٢) .
ومنهم : العبيديّة أصحاب عبيد المُكْتِب (٣) ، ومن مذهبهم : أنّ ما دون الشرك مغفور لا محالة ، وأن العبد إذا مات على توحيده لا يضرّه ما اقترف من الآثام ، ومن مذهبهم أيضاً أنّ علم اللّه تعالى لم يزل وهو شيء غيره ، وكذا كلامه ودينه وهكذا ، وقالوا : إنّ ربّهم على صورة إنسان (٤) .
ومنهم : الغسّانيّة أصحاب غسّان الكوفي (٥) ، ومن مذهبهم : أنّ
__________________
(١) هو يونس بن عون أو عمرو النميري ، تُنسب إليه الفرقة اليونسية .
(٢) انظر : الملل والنحل للبغدادي : ١٣٩ ، الفرق بين الفِرَق : ٢٠٢ / ١٠٨ ، الملل والنحل للشهرستاني ١ : ١٤٠ ، اعتقادات فِرَق المسلمين والمشركين للرازي : ١٠٧ ، معجم الفِرَق الإسلامية : ٢٧٥ .
(٣) هو عبيد المُكْتِب أو المكتئب ، كما جاء في بعض كتب التراجم ، وهو كبير فرقة العبيديّة من المرجئة الخالصة ، ذكر البخاري والذهبي أنّه ابن مهران المُكْتِب الكوفي ، سمع سعيد بن جبير ومجاهداً وإبراهيم النخعي وأبا رزين ، وروى عن الثوري ، وشريك ، وجرير بن عبد الحميد ، وأشار المؤلّف إلى أغلب أفكاره وأقواله .
انظر : التاريخ الكبير ٦ : ٤ / ١٤٩٣ ، ميزان الاعتدال ٣ : ٢٣ / ٥٤٤٣ ، معجم الفِرَق الإسلامية : ١٦٩ .
(٤) الملل والنحل للشهرستاني ١ : ١٤٠ ـ ١٤١ .
(٥) وهو غسّان بن أبان الكوفيّ ، وقيل : غيره ، فإنّ ابن أبان لم يكن كوفيّاً ، بل يماميّ ،