أنّه عليهالسلام لمّا قال له ذلك رأى في الحسنين عليهماالسلام نوع انكسار بذلك الكلام ، قال : «وأنتما ابنا رسول اللّه صلىاللهعليهوآله » (١) ، فلو كان ما قال لمحمّد نصّاً في الإمامة لزم أن يكون ما قال فيهما نصّاً في النبوّة (٢) .
وأمّا إعطاء الراية وقياسهم إيّاه بإعطاء النبيّ صلىاللهعليهوآله الراية عليّاً عليهالسلام فمن البيّن أنّ حمل راية النبيّ صلىاللهعليهوآله لم يكن نصّ الإمامة ؛ ضرورة أنّه قد حمل رايته أيضاً جماعة لم يقل أحد بإمامتهم .
وبالجملة : وجوه بطلان شُبههم واضحة ، فتأمّل .
ثمّ إنّ الكيسانيّة صاروا بعد انتقال محمّد إلى دار البقاء فرقتين :
إحداهما : الكربيّة ، أصحاب أبي كرب الضرير (٣) ، فإنّهم زعموا أنّ ابن الحنفيّة حيّ لم يمت ولا يموت ، وأنّه هو المهديّ المنتظر ، وأنّه في جبل رضوى بين أسد ونمر يحفظانه ، وعنده عينان نضّاختان تجريان بماء وعسل ، وأنّه يعود بالغيبة فيملأ الأرض عدلاً كما ملئت جوراً (٤) .
وثانيتهما : الهاشميّة ، أصحاب أبي هاشم بن محمّد بن الحنفيّة (٥) ، قالوا بموت ابن الحنفيّة ، وانتقال الإمامة بعده إلى ابنه أبي هاشم بدعوى
__________________
(١) الفصول المختارة : ٣٠٢ (ضمن مصنّفات الشيخ المفيد ، ج٢) .
(٢) انظر : الفصول المختارة : ٣٠٢ ـ ٣٠٣ (ضمن مصنّفات الشيخ المفيد ، ج٢) .
(٣) لم نعثر على ترجمته .
(٤) انظر : مقالات الإسلاميّين : ١٩ ، الفرق بين الفِرَق : ٣٩ ، التبصير في الدين : ٣١ .
(٥) هو عبداللّه بن محمّد بن الحنفيّة ، يكنّى أبا هاشم ، كان صاحب علم ورواية ، أحد زعماء العلويّين في العصر المرواني ، كان يبثّ الدعاة سرّاً في الناس ، ينفرهم من بني اُميّة ويستميلهم إلى بني هاشم ، مات سنة ٩٩ هـ .
انظر : قاموس الرجال ٦ : ٥٨١ / ٤٤٩٨ ، الطبقات لابن سعد ٥ : ٣٢٧ ، طبقات خليفة : ٤١٧ / ٢٠٤٦ ، المعارف : ٢١٦ ـ ٢١٧ ، الأعلام ٤ : ١١٦ .