عامّة من قال بإمامته إلى إمامة الكاظم عليهالسلام ، بل جماعة كثيرة رجعوا عنه لمّا امتحنوه بما كانوا (١) يمتحنون به الإمام من امتحانه في العلم والعمل ، فلم يجدوا فيه شيئاً من ذلك . نعم ، بقي شرذمة جمعوا بين إمامته وإمامة الكاظم عليهالسلام ؛ لعدم اطّلاعهم على عدم اجتماع (الإمامة في الأخوين) (٢) بعد الحسنين عليهماالسلام . وتلك الفرقة أيضاً انقرضوا ولو بعد مدّة ، ولم يبق منهم من يُعرف أو يُذكر (٣) ، فتأمّل .
وأمّا الفرقة الخامسة ، فهم الذين قالوا بأنّ محمّد بن جعفر الصادق عليهالسلام الملقّب بديباجة (٤) إمام بعد والده الصادق عليهالسلام ، واستندوا في ذلك بما رووه من أنّ أبا عبداللّه عليهالسلام كان جالساً في داره فدخل عليه محمّد ، وهو صبيّ صغير فعدا إليه فكبا في قميصه لوجهه فقام إليه أبو عبداللّه عليهالسلام فقبّله ومسح التراب عن وجهه وضمّه إلى صدره وقال : «سمعت أبي يقول : إذا ولد لك ولد يشبهني فسمّه باسمي ، فهذا الولد شبيهه وشبيه رسول اللّه صلىاللهعليهوآله وعلى سنّته» (٥) .
__________________
(١) في «م» : «كان» .
(٢) بدل ما بين القوسين في «م» : «إمامين أخوين» .
(٣) انظر : المقالات والفِرَق : ٨٧ / ١٦٤.
(٤) في حاشية «ش» و«ن» ورد : إنّ محمّد بن جعفر هذا كان ملقّباً بديباجة ؛ لحسن وجهه على ما قاله أهل النسب ، ونقل جماعة : أنّه كان شجاعاً يصوم يوماً ويفطر يوماً . وكان له نسخة يرويها عن أبيه عليهالسلام ، وكان يرى رأي الزيديّة في الخروج بالسيف ، فخرج على المأمون في سنة تسع وتسعين ومائة بمكّة ، وتبعته الجاروديّة ، فخرج لقتاله عيسى الجلوديّ ففرّق جمعه ولزمه وأنفذه إلى المأمون ، فلمّا وصل إليه أكرمه المأمون وكان معه إلى أن توفّي بخراسان ، منه عفي عنه .
(٥) الفصول المختارة : ٣٠٦ (ضمن مصنّفات الشيخ المفيد ، ج ٢) ، فِرَق الشيعة : ٧٦ ـ ٧٧ ، المقالات والفِرَق : ٨٦ .