سيّد الإنس والجانّ ـ والوجه في هذا ظاهر واضح لا سترة فيه ـ أو يكون مخالفاً لما عليه فقهاء العامّة أو حُكّامهم وقُضاتهم كلّهم ، أو أكثرهم أو أشهرهم ، لا سيّما في زمان ورود الحديث ، وإنّما السبب في هذا الأخير ليس ما هو دأب المخالفين من تركهم بعض الاُمور الشرعيّة عندهم ، بل المرغوبة لأجل محض صيرورتها من شعار الشيعة ، كالتختّم باليمين ، وتربيع القبور وغيرهما ؛ لأنّ هذا من الحميّة الجاهليّة ، بل السبب ما سبق من أنّ القوم لمّا ضيّعوا السبيل الذي هو الرحماني اتّبعوا السبل التي هي طرق الاستنباط بألرأي الذي هو الشيطاني ، فصار مدارهم على هذا الحال ، والظاهر أنّه عين موقع الخطأ والضلال . فلا محالة عامّة أحكامهم خلاف حكم اللّه المتعال ؛ ولهذا قال الرضا عليهالسلام لمن سأله أنّه لم يجد شيعةً يستفتيه : «ائت فقيه البلد واستفته في أمرك فإذا أفتاك بشيء فخُذْ بخلافه فإنّ الحقّ فيه» (١) وقد كان الأئمّة أيضاً يفتون على ما يوافقهم ـ كما مرّ ـ غصباً عليهم .
وأمّا كثرة التقيّة وشيوعها ، لا سيّما في زمان الأئمّة عليهمالسلام فواضحة ؛ ولهذا قال أبو عبداللّه الصادق عليهالسلام لعبيد بن زرارة (٢) : « ما سمعتَ منّي يشبه
__________________
(١) علل الشرايع : ٥٣١ ، باب ٣١٥ / ٤ ، عيون أخبار الرضا عليهالسلام ١ : ٢٧٥ / ١٠ ، بحار الأنوار ٢ : ٢٣٣ / ١٤ .
(٢) عبيد بن زرارة بن أعين الشيباني ، عدّه الشيخ رحمهالله في رجاله من أصحاب الصادق عليهالسلام ، ويكفي في جلالته ما ورد عن أبي عبداللّه عليهالسلام : « ثقة ثقة ، عين ، لا لبس فيه ولا شكّ » .
انظر : رجال النجاشي : ٢٣٣ / ٦١٨ ، رجال الطوسي : ٢٤٣ / ٣٣٥٥ ، تنقيح المقال ٢ : ٢٣٥ / ٧٥٨٢ .