فقال : « ويلك لمّا عَجَزَتْ حواسّك عن إدراكه أنكرت ربوبيّته ، ونحن إذا عَجَزَت حواسّنا عن إدراكه أيقنّا أنّه ربّنا بخلاف شيء من الأشياء » (١) .
والأخبار من هذا القبيل كثيرة ، وكفى ما ذكرناه لكشف الحقّ على مَنْ له أدنى بصيرة ، وموضع التفصيل كتب الحديث ، ولا يمكن هاهنا استقصاء نقلها وبيان متنها ، فلنكتف إذاً ببيان خلاصة قول هذه الطائفة في التوحيد والصفات ، المأخوذ من جميع ما عندهم من روايات الأئمّة السادات عليهمالسلام حتّى ينكشف الحال أيضاً في معرفة الذات أوضح ممّا ظهر في ضمن هذه الروايات .
اعلم أنّ عندهم كمال التوحيد أن تعتقد أنّ اللّه تعالى فرد واحد متفرّد بالوحدانيّة من جميع الجهات ، بمعنى أن تعلم أنّه أحديّ الذات ليست له أجزاء عقليّة ولا خارجيّة ولا وهميّة ، بل هو الذي لا يتطرّق إليه التركيب أصلاً ، وأنّه أحديّ المعنى ، ليست له صفات زائدة ، بل صفاته ـ كما سيظهر ـ عين ذاته ، بحيث لا يحتمل فيه التعدّد مطلقاً ، وأنّه أحديّ في المالك والخلق ، ليس له شريك في شيء رأساً ، ولا ندّ ولا ضدّ ولا صاحبة ولا ولد أبداً ، فهو الواحد الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد .
وبالجملة : التوحيد الكامل عندهم أن تصفه بجميع ما له من صفات الكمال وتنزّهه عمّا لا يليق به تعالى في الذات والصفات والأفعال ، بل
__________________
(١) الكافي ١ : ٦١ / ٣ (باب حدوث العالم وإثبات المحدث) ، التوحيد : ٢٥٠ ـ ٢٥١ / ٣ ، الاحتجاج ٢ : ٣٥٤ / ٢٨١ ، وفيها ضمن الحديث .