لها مقابل وجوديّ يمكن اتّصافه تعالى به كالرضا والسخط مثلاً ، فهي من صفات الفعل لا من صفات الذات ؛ لأنّها ـ كما سيظهر ـ عين الذات ، وذاته ممّا لا ضدّ له ، فصفات الفعل ممّا لا كلام عندهم ، ولا شبهة في كونها زائدة حادثة خارجة عن الذات ؛ ولهذا لمّا قيل للصادق عليهالسلام : لم يزل اللّه متكلّماً ، قال : « إنّ الكلام صفة محدثة ليست بأزليّة ، كان اللّه عزوجل ولا متكلّم » (١) أي : لم يوجد بعد الأصوات ولا النقوش ، ولا ألقى الكلام إلى قلب أحد ؛ ضرورة أنّ هذا إنّما هو المراد بكلامه تعالى وتكلّمه ، فكذا الحال فيما هو واضح من أنّ اللّه كان ولا خلق ولا رزق ولا سخط ولا رضا ولا غيرها من أمثالها التي لا بُدَّ أن تُعدّ من صفات الفعل ؛ لما ذكرنا ، حتّى الإرادة على ما هو صريح كلام الأئمّة عليهمالسلام ، فإنّ عامّة المتكلّمين فسّروا إرادة اللّه : بأنّها العلم بالخير والنفع وما هو الأصلح ، فهي عندهم قديمة ومرجعها إلى العلم .
ولكنّ الذي ثبت عن الأئمّة عليهمالسلام أنّها وردت بمعان كلّها من صفات الفعل ، فإنّ مفاد كلامهم : أنّها قد تطلق بمعنى الأمر والرضا وما يقابل الكراهة ، وهذا مهما كانت متعلّقة بأفعال العباد ، يقال : يريد الصلاح والطاعة ، ويكره الفساد والمعصية ، أي : يأمر وينهى ، كما يقال : يحبّ ويرضى ، أي : يأمر ويثيب ، ويقال : يبغض ويسخط ، أي : ينهى ويعاقب .
قال عمرو بن عبيد للباقر عليهالسلام : ما معنى قوله تعالى : ( وَمَن يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي فَقَدْ هَوَىٰ ) ؟ (٢) فقال عليهالسلام : « الغضب هو العقاب ، يا عمرو ،
__________________
(١) الكافي ١ : ٨٣ / ١ (باب صفات الذات) ، التوحيد : ١٣٩ / ١ ، بحار الأنوار ٤ : ٧١ ـ ٧٢ / ١٨ ، و٥٧ : ١٦١ / ٩٦ .
(٢) سورة طه ٢٠ : ٨١ .