سميعاً بصيراً لذاته ، تعالى عمّا يقول المشركون علوّاً كبيراً » (١) .
ثمّ على هذا لا تبقى شبهة في صحّة ما ذكرناه عن الإماميّة من أنّه يمتنع الاطّلاع على حقيقة هذه الصفات وكيفيّتها ؛ لامتناع الاطّلاع على كنه الذات وحقيقتها ، فإذاً إثباتك صفةً منها له ليس إلاّ بنفي ضدّها عنه مثلاً تقول : إنّه عالم ليس بجاهل أصلاً ، وقادر ، أي : ليس بعاجز مطلقاً ، وهكذا هلمّ جرّاً ، وهذا هو معنى ما ورد في الحديث من أنّ : «كمال التوحيد نفي الصفات عنه» ) (٢) ، لا ما توهّمه أكثر المخالفين .
فافهم حتّى تعلم أنّ عامّة ما سوى الإماميّة ، حيث إنّهم لم يعملوا بما عندهم من نهي النبيّ صلىاللهعليهوآله عن التفكّر في ذات اللّه تعالى (٣) ، ومع هذا لم يأخذوا أيضاً هذا العلم ممّن تعلّمه من النبيّ صلىاللهعليهوآله الذي وصل إليه من اللّه جلّ وعلا ، بل اكتفوا بالاعتماد على مقتضى الرأي والاستحسان ، وتوهّموا في فهم أكثر الصفات ، بحيث وقعوا في أنواع تيه الضلالات فتفرّقوا بذلك إلى ما ذكرناه عنهم سابقاً من أقوال سخيفات تمسّكوا فيها ببعض المتشابهات ، حتّى أوّلوا بها الآيات المحكمات .
ألا ترى أنّ فيهم من فرّط جدّاً ، بحيث شبّهه بخلقه من جهات ، حتّى قال بعضهم فيه بالجسميّة ، بل الجسميّة المركّبة من لحم ودم (٤) ، وبعضهم
__________________
(١) التوحيد : ١٣٩ / ٣ ، روضة الواعظين : ٣٧ .
(٢) انظر : الكافي ١ : ١٠٩ / ٦ (باب جوامع التوحيد) ، والتوحيد : ٥٦ / ١٤ ، وفيهما ضمن الحديث .
(٣) انظر : كتاب العظمة : ١٧ / ٢ ، وجامع الأحاديث ٤ : ١١٢ / ١٠٥٠٦ و١٠٥٠٧ .
(٤) مقالات الإسلاميّين : ٢٠٩ ، الملل والنحل للشهرستاني ١ : ١٠٥ .