معظم علماء القوم بتوثيق عمدة رُواتها ، لا سيّما عن الأئمة عليهمالسلام ، كزرارة ، ومحمّد بن مسلم ، وجابر ، وأبان ، وأمثالهم ، كما سيأتي مفصّلاً في محلّه في المقالة العاشرة من المقصد الثاني .
وأمّا ما هو من هذا القبيل أيضاً من العقائد التي نسبوها إلى الإماميّة ولا أصل لها مطلقاً فكثيرة جدّاً ، كقولهم بأنّ الإماميّة يعتقدون بأنّ المهديّ غائب طول زمان غيبته عليهالسلام في سرداب سامرّاء ، وأنّهم يعتقدون فيه صفات الاُلوهيّة ، وأنّهم يقذفون عائشة ، ويسبّون جملة الصحابة ، وأمثال ذلك من سائر فريتهم على هذه الطائفة ، وقد مرّ بعض منها سابقاً ، ويأتي كثير منها أيضاً ، كلّ واحدة فيما يناسبها من المقام .
ثمّ إنّ الذي هو خلاصة مذهب هذه الطائفة في الجبر والتفويض ـ الذي مرّ سابقاً أنّ الأوّل هو مذهب الأشاعرة ، والثاني مذهب المعتزلة ـ أن لا جبر ولا تفويض بل أمر بين الأمرين ، بمعنى أنّ لهداية اللّه تعالى وتوفيقاته مدخلاً تامّاً في أفعال العباد ، لكن بحيث لا يصل إلى حدّ الإلجاء والاضطرار .
( (١) ومجمل بيان ذلك : إنّ اللّه تعالى لمّا خلق العباد وأمرهم بالعبادات والخيرات ، ونهاهم عن الشرور والسيّئات ، وقرّر للمطيع الثواب وللعاصي العقاب وأخبرهم بذلك جعل فيهم استطاعة الفعل والترك ، وهيّأ لهم أسباب ذلك ، بحيث يكون كلّ واحد قادراً على ما يختاره من الفعل والترك ، لئلاّ يبطل استحقاق الثواب والعقاب ، لا كما مرّ أنّه مآل كلام الجبريّة ، لكن لم يعزل أيضاً نفسه عن المدخليّة رأساً ، لا كما هو مآل قول المفوّضة ، بل
__________________
(١) من هنا إلى ص٤١٣ هامش (٣) مشطوب عليه في «س» .