أقدرك ، أما سمعت الناس يسألون الحول والقوّة حيث يقولون : لا حول ولا قوّة إلاّ باللّه » فقيل : وما تأويلها يا أمير المؤمنين ؟ قال : «لا حول بنا عن معاصي اللّه إلاّ بعصمة اللّه ، ولا قوّة لنا على طاعة اللّه إلاّ بعون اللّه » (١) .
والأخبار في هذا الباب لا تحصى .
ومنها يظهر أيضاً ما هو اعتقاد الإماميّة في القضاء والقدر ، والإرادة والمشيئة ، وأمثالها من أسباب الفعل كالإذن مثلاً ، فإنّ الذي هو مذهبهم في هذا الباب ـ كما هو صريح ما هو متواتر عندهم من أحاديث الأئمّة الأطياب ـ أنّه لا يكون شيء إلاّ بإرادة اللّه تعالى ومشيئته وقضائه وقدره ، وغير ذلك من سائر أسباب الفعل ، وأنّ كلّ ذلك لا ينافي عدم الجبر ، فإنّ في صريح الأخبار الثابتة عندهم أنّ كلّ واحد من هذه المذكورات على نوعين : حتميٌّ ، وغير حتميٍّ يسمّى عزميّاً ، وهو الذي في الاُمور التكليفيّة ، وممّا لا ينافي اختيار العبد مطلقاً ، ولا يستلزم شيء من معانيه الجبر أصلاً .
وجملة بيان ذلك : أمّا في الإرادة والمشيئة ، فبأن يقال : كما أنّها وردت بنحو ما مرّ سابقاً ، أي : ما بمعنى الإحداث والإيجاد الذي هو من نوع الإرادة الحتميّة ، كذلك قد يراد بها ولو تجوّزاً ما بمعنى تهيئة أسباب أفعال العباد ، وخلق الآلات التي لها مدخل في صدور بعض الأشياء منهم لاقتضاء المصلحة التي في ذلك ، ويسمّى هذا بالعزميّة ، مثلاً : خلق اللّه عزوجل القوّة الشهوانيّة وآلات الجماع ، وهيّأ جميع أسباب ذلك في الإنسان ، لكي يجامع حلاله ويحصل منه الولد والنسل ، فمهما جامع الإنسان أهله فذلك الذي صرفها في محلّها ، ويقال له : جامع بإرادة اللّه ولو بهذا المعنى ،
__________________
(١) تحف العقول : ٤٦٨ بتفاوت ، الاحتجاج ٢ : ٤٩٤ / ٣٢٨ .