ابن عمر الحافظ بإسناده عن ابن عبّاس وكذا غيرهما كلّهم عن أمير المؤمنين عليهالسلام أنّه قام إليه رجل بعد انصرافه من صفّين .
فقال : يا أمير المؤمنين ، أخبرنا عن خروجنا إلى الشام ، أبقضاءٍ وقدرٍ ؟
فقال له أمير المؤمنين : « نعم ، يا شيخ ، ما علوتم تلعة ولا هبطتم بطن وادٍ إلاّ بقضاءٍ من اللّه وقدره » .
فقال الرجل : عند اللّه أحتسب عنائي ، واللّه ، ما أرى لي من الأجر شئياً .
فقال علي عليهالسلام : « مه يا شيخ (١) ، قد عظّم اللّه لكم الأجر في مسيركم وأنتم ذاهبون ، وعلى منصرفكم وأنتم منقلبون ، ولم تكونوا في شيء من حالاتكم مكرهين ، ولا إليها مضطرّين » .
فقال الرجل : فكيف لا نكون مضطرّين والقضاء والقدر ساقانا ، وعنهما كان مسيرنا ؟
فقال عليّ عليهالسلام : « ويحك ، لعلّك ظننت قضاءً لازماً ، وقدراً حتماً ، لو كان كذلك لبطل الثواب والعقاب ، وسقط الوعد والوعيد ، والأمر من اللّه والنهي والزجر ، ولم تأت لائمة من اللّه لمذنب ، ولا محمدة لمحسن ، ولم يكن المحسن أولى بالمدح من المسيء ، ولا المسيء أولى بالذمّ من المحسن ، تلك مقالة عبدة الأوثان ، وجنود الشيطان ، وخصماء الرحمن ،
__________________
الاُصول الخمسة وغير ذلك ، توفي في بغداد سنة ٤٣٦ هـ .
انظر : تاريخ بغداد ٣ : ١٠٠ / ١٠٦٩ ، الأنساب للسمعاني ٥ : ١٩١ ، وفيات الأعيان ٤ : ٢٧١ / ٦٠٩ ، سير أعلام النبلاء ١٧ : ٥٨٦ / ٣٩٣ .
(١) في «ش» زيادة : «بلى» ، وكذا في البحار ٥ : ٩٥ / ١٩ .