على خصوص المعنى الحتمي في جميع المواضع ، حيث جهلوا الفرق بين ما يتعلّق بالاُمور التكليفيّة كالعبادات والمعاصي والطاعات ونحوها ، وبين ما يتعلّق بغيرها كالخلق والرزق والصحّة والسقم والحياة والممات ونحوها ، فقاسوا أحدهما بالآخَر من غير بصيرة بالحال ، حيث لم يرتووا من مناهل علوم الآل ، واللّه يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم .
ثمّ اعلم ، أنّ للتفويض معنيين آخَرين أيضاً قال بأحدهما الإماميّة وأنكروا الآخَر .
فأمّا الثاني : فهو الذي قال به جمع من الغُلاة ، حيث قالوا : إنّ اللّه عزوجل خلق النبيّ والأئمّة صلوات اللّه عليهم وفوّض إليهم أمر الخلق ، فهم يخلقون ويرزقون ويحييون ويميتون (١) .
وممّا يدلّ على كون القول به كفراً صريح أخبار الأئمّة عليهمالسلام .
منها : قول الرضا عليهالسلام في حديث له : « من زعم أنّ اللّه عزوجل فوّض أمر الخلق والرزق إلى حججه عليهمالسلام ، فقد قال بالتفويض ، والقائل به مشرك » (٢) .
ولهذا أنكره علماء الإماميّة قاطبة ، ومن نسبه إليهم فقد افترى عليهم مثل سائر التُّهم التي اتّهموهم بها .
نعم ، هم يقولون : إنّ النبيّ صلىاللهعليهوآله والأئمّة عليهمالسلام قد يسألون اللّه تعالى ذلك شفاعة ، أو لإظهار المعجزة فيستجيب لهم إعظاماً لشأنهم (٣) ، كما ورد
__________________
(١) انظر : الاعتقادات ٩٧ / ٣٧ (ضمن مصنّفات الشيخ المفيد ، ج٥) ، الغيبة للطوسي : ٢٩٣ / ٢٤٨ ، الاحتجاج ٢ : ٥٤٥ / ٣٤٥ .
(٢) عيون أخبار الرضا عليهالسلام ١ : ١٢٤ / ١٧ ، الاحتجاج ٢ : ٣٩٧ ـ ٣٩٨ / ٣٠٤ .
(٣) انظر : الغيبة للطوسي : ٢٩٣ / ٢٤٨ ، الاحتجاج ٢ : ٥٤٦ / ٣٤٥ .