المراد بقول رسول اللّه صلىاللهعليهوآله : « لا تزال طائفة من اُمّتي ظاهرين على الحقّ لا يضرّهم خذلان من خذلهم » كما مرّ (١) أيضاً ، وأنّه لأجل دخول مثل هؤلاء في إجماع جميع طوائف الاُمّة قطعاً ، قال النبيّ صلىاللهعليهوآله : « لا تجتمع اُمّتي على الخطأ » (٢) كما بيّنّاه مجملاً ، وسيأتي في محلّه مفصّلاً ، ومن أراد تفصيل أقوالهم فعليه بتتبّع سائر الكتب مع ما سيأتي في هذا الكتاب من بيان بعضٍ من ذلك .
ومع هذا كلّه ، لا يخفى أنّ هؤلاء الطائفة أعذر عند اللّه ورسوله صلىاللهعليهوآله يوم القيامة في كلّ شيء ممّا اعتقدوه وتمسّكوا به من سائر الطوائف ، مع قطع النظر عن سائر الأدلّة .
فإنّه إذا قيل لهم : من أين لكم جواز اتّخاذ هذه العقائد ، وبأيّ وجه حكمتم بصحّتها وتركتم غيرها ؟
قالوا : إنّك أرسلت نبيّاً وكتاباً ، وقلت فيه : ( مَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا ) (٣) فتمسّكنا بقوله ، ثمّ ممّا أتانا الرسول جزماً وقطعاً أنّه قال : « إنّي تارك فيكم الثقلين اللَّذَيْن إن تمسّكتم بهما لن تضلّوا : كتاب اللّه وعترتي أهل بيتي » (٤) ، الخبر .
فتمسّكنا بعده بهما وانتخبنا هؤلاء الاثني عشر ؛ للنصّ الثابت
__________________
(١) تقدّم تخريجه في ص ٢٢١ هامش (٣) .
(٢) المستصفى ٢ : ٣٩٥ ، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ٨ : ١٢٣ .
(٣) سورة الحشر ٥٩ : ٧ .
(٤) كتاب سليم بن قيس ٢ : ٦٤٧ ، بصائر الدرجات : ٤٣٣ / ٣ ، الإرشاد للمفيد ١ : ٢٣٣ ، الأمالي للطوسي : ٥٤٨ / ١١٦٨ ، الطرائف ١ : ١٦٢ (حديث الثقلين) ، سنن الترمذي ٥ : ٦٦٣ / ٣٧٨٨ ، المعجم الصغير للطبراني ١ : ١٣٥ ، مصابيح السنّة ٤ : ١٩٠ / ٤٨١٦ .