موضع إلى موضع لرأي يحدثه بعد رأي يريد أن يلصق ما لا يلتصق ، ويقرّب ما لا يتقارب» (١) ، الخبر .
وفيها قوله عليهالسلام : «فيا عجباً ! وما لي لا أعجب من خطأ هذه الفِرَق على اختلاف حججها في دينها لا يقتصّون أثر نبيّ ، ولا يقتدون بعمل وصيّ ، ولا يؤمنون بغيب ، ولا يعفّون عن عيب ، يعملون بالشبهات ويسيرون في الشهوات ، المعروف فيهم ما عرفوا ، والمنكر عندهم ما أنكروا ، مفزعهم في المعضلات إلى أنفسهم ، وتعويلهم في المبهمات (٢) على آرائهم كأنّ كلّ امرئٍ منهم إمام نفسه قد أخذ منها فيما يرى بِعُرىً وثيقات (٣) ، وأسباب محكمات» (٤) .
أقول : من تتبّع فتاوى أبي حنيفة وأمثاله لم يبق له شكّ في كونهم مصداق هذه الصفات وأمثالها ممّا سيأتي ، كما سيتّضح ، فلا تغفل .
وفيها قوله عليهالسلام : «ترد على أحدهم القضيّة في حكم من الأحكام ، فيحكم فيها برأيه ، ثمّ ترد تلك القضيّة بعينها على غيره فيحكم فيها بخلاف ذلك ، ثمّ يجتمع القضاة بذلك عند إمامهم الذي استقضاهم فيصوّب آراءهم جميعاً ، وإلههم واحد ! ونبيّهم واحد ! وكتابهم واحد ! أفأمرهم اللّه بالاختلاف فأطاعوه ؟ أم نهاهم عنه فعصوه ؟ أم أنزل اللّه ديناً ناقصاً فتمّموه ؟ أم كانوا شركاء له فلهم أن يقولوا وعليه أن يرضى ؟ أم أنزل اللّه ديناً تامّاً فقصّر الرسول صلىاللهعليهوآله عن تبليغه وأدائه ، واللّه سبحانه يقول : ( مَا
__________________
(١) نهج البلاغة : ١٥٢ ، الخطبة ١٠٥ .
(٢) في نهج البلاغة : المهمّات .
(٣) في نهج البلاغة : ثِقات .
(٤) نهج البلاغة : ١٢١ ، الخطبة ٨٨ .