ثمّ نقل : أنّ أوّل شبهة (وقعت في الخليقة) (١) شُبهة إبليس ، ومصدرها استبداده في الرأي في مقابلة النصّ ، واختياره الهوى في معارضة الأمر ، واستكباره بالمادّة التي خلق منها ـ وهي النار ـ على مادّة آدم ـ وهي الطين ـ وقياسه شيئاً بشيء .
قال : ومن هذه الشبهة انشعبت سبع شبهات وصارت في الخلق وسرت في أذهان الناس حتّى صارت مذاهب بدعة وضلال .
ثمّ قال : وتلك الشبهات مذكورة في شروح الأناجيل الأربعة وبعض مواضع التوراة على شكل مناظرة بينه وبين الملائكة بعد الأمر بالسجود وامتناعه منه هكذا .
قال الشيطان للملائكة : إنّي سلّمت أنّ البارئ تعالى إلهي وإله الخلق عالم قادر لا يُسأل عن قدرته وإرادته ومشيئته ، وأنّه مهما أراد شيئاً قال له : كن فيكون ، وهو حكيم إلاّ أنّه يتوجّه على مساق حكمته أسئلة ، قالت الملائكة : ما هي ؟ قال : إنّها سبع :
الأوّل : إنّه قد علم قبل خلقي أيّ شيء يصدر عنّي ويحصل فَلِمَ خلقني أوّلاً ؟ وما الحكمة في ذلك ؟
الثاني : إنّه إذ خلقني على مقتضى مشيئته وإرادته فلِمَ كلّفني بمعرفته وطاعته ؟ وما الحكمة فيه بعد أن لا ينتفع بطاعة ، ولا يتضرّر بمعصية ؟
الثالث : إذ خلقني وكلّفني بالمعرفة والطاعة فالتزمت هذا التكليف فعرفت وأطعت فَلِمَ كلّفني بطاعة آدم والسجود له ؟ وما الحكمة في هذا التكليف بالخصوص بعد أن لا يزيد هذا في معرفتي وطاعتي ؟
الرابع : إنّه إذ خلقني وكلّفني على الإطلاق وبخصوص هذا التكليف ،
__________________
(١) ما بين القوسين لم يرد في «م» .