من جهة إلقاء ما هو مفاد شُبهه ، ومن قبيلها في ذهنهم ، كما يشير إليه قوله تعالى : ( وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَىٰ أَوْلِيَائِهِمْ ) (١) ، الآية .
حتّى أنّ الشهرستاني قال : إذا تأمّلت شُبه العالم عرفت أنّ كلّها من قبيل هذه الشبه ، وأنّها بالنسبة إلى أنواع الضلالات كالبذور ، فإنّ مرجع جملتها إلى إنكار الأمر والجحود بعد الاعتراف بالخلق، وإلى الهوى في مقابلة النصّ.
قال : وكلّ مجادلات أقوام الأنبياء من نوح إلى محمّد صلّى اللّه عليه وعلى آله وعليهم السلام منسوج على هذا المنوال ؛ إذ لا فرق بين قولهم : ( أَبَشَرٌ يَهْدُونَنَا ) (٢) ، وقولهم : ( أَبَعَثَ اللَّهُ بَشَرًا رَسُولًا ) (٣) ، وقوله : ( أَأَسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِينًا ) (٤) ، وكذا لا فرق بين قوله : ( أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ ) (٥) ، وبين قول من قال : ( أَنَا خَيْرٌ مِنْ هَٰذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ ) (٦) (٧) ، وكذا سائر شبههم .
ثمّ إنّه ذكر وجوه تشابه الشُبه ، لكن على غير بيانٍ شافٍ ، فنحن نشرح ما أجمله من الكلام ، بحيث يظهر منه حال المرام ولو بإدخال بعض ما ذكره في هذا المقام .
فاعلم أنّه ـ كما ظهر آنفاً ـ كان مبدأ الضلال ما صدر من الشيطان بسبب الاستبداد بالرأي واستعمال القياس في الدين ، كما مرّ قوله عليهالسلام :
__________________
(١) سورة الأنعام ٦ : ١٢١ .
(٢) سورة التغابن ٦٤ : ٦ .
(٣) سورة الإسراء ١٧ : ٩٤ .
(٤) سورة الإسراء ١٧ : ٦١ .
(٥) سورة الأعراف ٧ : ١٢ .
(٦) سورة الزخرف ٤٣ : ٥٢ .
(٧) الملل والنحل للشهرستاني ١ : ١٨ ـ ١٩ .