ببرّاني(١) دارنا ، وكنت نائماً على السطح فرأيت أنّ حجرتنا ـ أرضها ، وسقفها ، وجدرانها .. وكل ما يرى منها ـ قطعة ذهب منقوش بنقوش غريبة بالمينا (٢) ، وعلى الرفوف(٣) مصوغة من الذهب ، منقوشة بالمينا ، وأنّ جدتي من قبل أُمّي ـ أعني المطهرة الطاهرة ، والزهرة الزاهرة ، الصديقة الكبرى روحي وأرواح العالمين فدا تراب أقدامها ـ لابسة للسواد ، جالسة بالمكان الذي كنت أجلس فيه من الحجرة ـ ليس الأخ ولا غيره معنا (٤) ـ وأنا جالس عن يمينها متكئاً بمرفقي اليسرى على ركبتها اليمنى ـ كانت تلك عادتي مع
__________________
(١) البراني ، ويقابله : الدخلاني ـ وقد سبق الحديث عنه ـ ويقصد به عرفاً القسم الخارجي والعامّ للرجال من الدار ، مقابل دار الحريم والعيال ، المعبّر عنها بـ : الدخلاني ، ولعلّه مأخوذ من البرّ والصحراء مقابل : الدخلاني المأخوذ من الداخل ، وقد يقابله : الجواني ، ومنه قولهم : (من أصلح جوانيه أصلح الله برانيه) أو لعلّه مأخوذ من كلمة فارسية متداولة ، هي : بيروني ، مقابل : اندروني .. ولعلّ الأولى لها جذور عربية ، والثانية من أصل فارسي جاءت لها جناساً.
(٢) المينا : تأتي بعدّة معاني ، ذكر جملة منها دهخدا في لغتنامته ٤٥/٢٢٥ ـ ٢٢٦ ، و٢٣٠ : منها إنّه : زجاج أبيض ، ومنها : التذهيب ، أو صخرة لاجوردية اللون ينقش بها على الذهب والفضّة ، أو مادة زجاجية ذات ألوان متعدّدة ينقش بها على الفلّزات والظروف الخزفية .. وغيرها ، ويراد منه هنا التزيين بالزجاج والجواهر وغيرها ، ويقال لها : مينو.
(٣) الرفوف جمع الرف : هو الخشبة أو نحوها تشدّ إلى الحائط أو مكان يستخرج منه كي توضع عليه الملابس أو بعض لوازم البيت.
(٤) المقصود انفراده في التشرّف بخدمتها سلام الله عليها ، وعدم مشاركة أحد معه في ذلك.