يأتي فيه كل سنة مرة سيل ويأخذ من تمّ عمره ، وكأنّ عمري قد تمّ .. وإنّي مأمور بالوقوف في وسطه حتى يأخذني السيل .. فما مضى إلاّ يسير وإذا السيل قد جاء عرض النهر علو أربعين ذراعاً بذراع اليد تقريباً .. وفيه أشجار وأخشاب وأناسي .. وهو ماء مخلوط بالطين ; فلمّا وصل إليّ أصفح عنّي وتعدّى من عن يميني ولم يأخذني .. فتحيّرت في سبب عدم أخذه إياي مع خلاص عمري .. فأخبرني مخبر صادق بأنـّه قد كان بلغ من عمرك خمسة أيّام .. فلمّا أن بكيت وأردت من أمير المؤمنين عليه السلام عيدية شفع عند الله تعالى وأخذ لك خمساً وخمسين سنة عمراً ، فقمت أحسب الخمس والخمسين مع ما مضى من عمري فصار المجموع إحدى وتسعين سنة ..! ففرحت بذلك وانتبهت وأنا أحرّك يدي وأقول : عمر حسن!! (١)
ومنها : إني رأيت بعد وفاة الشيخ الوالد العلاّمة أنار الله برهانه بمدّة لا أضبطها ، كأ نّي قد حججت معه فدخلنا بيت الله الحرام ونحن محرمان .. ووجدنا صلاة جماعة عظيمة منعقدة والإمام في محراب كبير ، ورأينا النبي صلّى الله عليه وآله جالس في محراب صغير يعقّب ، وهو لابس أثواباً بيضاً ، ومتعمّم بعمامة خضراء ، ومتحزّم بحزام أخضر .. فسألنا عن سبب عدم إمامته صلّى الله عليه وآله وسلّم بالناس .. فقالوا : إنّه أوكل الأمر إلى ولده هذا الذي يأمّ الناس .. وهو الحجّة المنتظر عجّل الله تعالى فرجه وجعلنا من أعوانه
__________________
(١) لم يحظ طاب ثراه بهذا العمر مع الأسف!