لمن وافقهم بما ليس عندهم فيه شهادة، بل قيل: من لم يكفر ببدعته يحتج به مطلقا إذا عرف بتحرزه عن الكذب و التثبت في الأخذ و الأداء مع باقي شروط القبول ما دام لم يكفر ببدعته، مستدلين بان اعتقاده حرمة الكذب تمنعه من الاقدام عليه فيحصل صدقه، و عليه فان استحل الكذب كالخطابية و الكرامية و غيرهما لم يقبل.
و قال الخطيب البغدادي في الكفاية: ١٢٠ ما حاصله: إنّه ذهب الشافعي و أبو حنيفة و أبو يوسف و ابن أبي ليلى و الثوري و جماعة إلى قبول رواية الفاسق ببدعته ما لم يستحل الكذب، و نسبه الحاكم في المدخل و الخطيب في الكفاية الى الجمهور و صححه الرازي، و استدل له في المحصول، و رجحه ابن دقيق العيد و غيره من المحققين، و قوّاه جماعة بما اشتهر من قبول الصحابة أخبار الخوارج و شهادتهم و من جرى مجراهم من الفساق بالتأويل، ثم استمر عمل التابعين على ذلك فصار - كما قال الخطيب - كالاجماع منهم.
الخامس: ما ذهب اليه المشهور من اصحابنا رضوان اللّه عليهم - كما ادعاه ثاني الشهيدين في شرح البداية: ٤٢/٢ و غيره - من اشتراط إيمان الراوي مع كل الشروط السالفة من العدالة و الضبط و غيرهما، بمعنى كونه إماميا اثنى عشريا، و قد فصله المصنّف رحمه اللّه في شرطه: الإيمان فلا نزيد.
السادس: مختار المصنّف رحمه اللّه و جمع من الأواخر بأنّ المدار في الأخذ على الوثاقة في الراوي و تحرزه عن الكذب و غير ذلك ما لم يكن الراوي كافرا ببدعته.
أقول: من الطريف أن غالب علماء العامة ضعّفوا القول الأول باحتجاج صاحبي الصحيحين و غالب المسانيد و الاجزاء بكثير من المبتدعة خصوصا غير الدعاة منهم - على ادعائهم -. و من هنا قال ابن الصلاح في المقدمة: ٢٣٠ - و حكاه السخاوي في فتح المغيث: ٣٠٤/١ - ردا على من رفض المبدعة من العامة