ما أغلظ لي في الكلالة ، وما راجعته في شيء ما راجعته في الكلالة ، حتى طعن بإصبعه في صدري وقال : يا عمر ألا تكفيك آية الصيف التي في آخر سورة النساء » (١). وعنه أنّه قال في الكلالة : « ما أراني أعلمها أبدا ، وقد قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ما قال » (٢).
ومن هنا يعلم عدم اطّلاع واضع الخبر على واقع حال عمر.
ثم أيّ مناسبة لهذا الحديث من حديث أنا مدينة العلم؟ فإنه لو سلّمنا صحته سندا ، وفرضنا ثبوت معناه ، فإنّ غاية مدلوله حصول جزء يسير ممّا فضل عن علم النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم لعمر بن الخطاب ، وأين من حصل على جزء يسير من العلم عمّن كان باب مدينة العلم!!
إنّ حديث مدينة العلم يدلّ على المساواة بين النبي وعلي عليهما وآلهما السلام في العلم ، وقد تحقّق ذلك فيما سبق بنصوص أساطين أهل السنة ، وحديث اللبن يدلّ على حصول ما فضل عن علم النبي لعمر ، وقد نصّ على ذلك أساطين أهل السنة كذلك ، فقد قال الحافظ ابن حجر : « قوله : باب فضل العلم. الفضل هنا بمعنى الزيادة ، أي ما فضل عنه » (٣) ... وقال بشرحه في كتاب المناقب : « والمراد بالعلم هنا العلم بسياسة الناس بكتاب الله وسنة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ، واختص عمر بذلك لطول مدّته بالنسبة إلى أبي بكر ، وباتّفاق الناس على طاعته بالنسبة إلى عثمان ، فإن مدّة أبي بكر كانت قصيرة ، فلم
__________________
(١) مسند أحمد ١ / ٢٧.
(٢) كنز العمال ١١ / ٧٨ : « عن سعيد بن المسيّب : انّ عمر سأل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم كيف يورث الكلالة؟ قال : أو ليس قد بيّن الله ذلك؟ قرأ( وَإِنْ كانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلالَةً أَوِ امْرَأَةٌ ) إلى آخر الآية. وكان عمر لم يفهم. فأنزل الله ( يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَةِ ) إلى آخر الآية. فكان عمر لم يفهم. فقال لحفصة : إذا رأيت من رسول الله صلّى الله عليه وسلّم طيب نفس اسأليه عنها! فقال : أبوك ذكر لك هذا؟ ما أرى أباك يعلمها أبدا! فكان يقول : ما أراني أعلمها أبدا وقد قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ما قال. ابن راهويه وابن مردويه. وهو صحيح ».
(٣) فتح الباري ١ / ١٤٦.