يحتمل الرجوع و غيره، فلا يزال حكم متيقّن بأمر مشكوك.
و إن اقترن به قرائن تدلّ على الرجوع، احتمل كونه رجوعا؛ لأنّا اكتفينا في العقد بدلالة الحال، ففي الفسخ أولى، و لأنّ لفظ الرجوع كان رجوعا؛ لدلالته عليه، فكذا كلّ ما دلّ عليه، و أن لا يكون - و به قال الشافعي(١) - لأنّ الملك ثابت للمتّهب يقينا، فلا يزول إلاّ بالصريح.
و يحتمل بناء هذا على العقد، فإن أوجبنا الإيجاب و القبول فيه لم يكتف هاهنا إلاّ بلفظ يقتضي زواله، و إن اكتفينا في العقد بالمعاطاة الدالّة على الرضا به فهنا أولى.
أمّا لو نوى الرجوع من غير فعل و لا قول فإنّه لا يحصل الرجوع وجها واحدا؛ لأنّه إثبات الملك على مال مملوك لغيره، فلم يحصل بمجرّد النيّة، كسائر العقود.
البحث الثاني: في الثواب.
مسألة ٢٩: الهبة مطلقا لا تقتضي العوض إلاّ مع الشرط،
سواء في ذلك هبة الأعلى للأدنى، و المساوي لمثله، و الأدنى للأعلى، عند أكثر علمائنا(٢) - و به قال أبو حنيفة و أحمد(٣) - للأصل، و لأنّها عطيّة على وجه التبرّع، فلم تقتض الثواب، كالوصيّة و هبة المثل من المثل، و لأنّه لو أعاره دارا لم يلزم المستعير شيء، فكذا إذا وهب؛ إلحاقا للأعيان بالمنافع.
١- المغني ٣١٧:٦، الشرح الكبير ٣٠٩:٦.
٢- منهم ابن إدريس في السرائر ١٧٥:٣، و المحقّق الحلّي في شرائع الإسلام ٢: ٢٣٢، و يحيى بن سعيد في الجامع للشرائع: ٣٦٦.
٣- المغني ٣٣١:٦، الشرح الكبير ٢٧٣:٦.