و قال الشيخ رحمه اللّه في الخلاف و المبسوط: الهبة على ثلاثة أقسام: هبة لمن فوقه، مثل: هبة الرعيّة للسلطان، و الفقير للغني، و الغلام لأستاذه، و هبة المساوي لمثله، مثل: أن يهب الغني للغني، و الفقير للفقير، و التاجر للتاجر، و هبة لمن هو دونه، مثل: هبة السلطان للرعيّة، و الغني للفقير، و الأستاذ للغلام، و كلّها تقتضي الثواب(١).
و قال الشافعي: هبة الأعلى للأدنى لا تقتضي الثواب؛ إذ لا يقتضيه اللفظ و لا العرف و لا العادة، لأنّه يقصد بها نفع المتّهب، و كذا هبة المثل؛ لأنّه يقصد التودّد و المواصلة و التحابب، و أمّا هبة الأدنى للأعلى فهل تقتضي الثواب ؟ قولان: ففي القديم: تقتضي، و به قال مالك، و في الجديد:
لا تقتضي، و به قال أبو حنيفة(٢).
احتجّ الشيخ رحمه اللّه بما رواه عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه [و عبد اللّه بن سنان](٣) - في الصحيح - عن الصادق عليه السّلام: أنّهما سألاه عن الرجل يهب الهبة أيرجع فيها إن شاء؟ فقال: «تجوز الهبة لذوي القربى و الذي يثاب من هبته، و يرجع في غير ذلك إن شاء»(٤).
و احتجّ الشافعي بما روي عن عمر أنّه قال: من وهب هبة يرجو).
١- الخلاف ٥٦٨:٣، المسألة ١٣، المبسوط - للطوسي - ٣١٠:٣.
٢- الحاوي الكبير ٥٤٩:٧ و ٥٥٠، المهذّب - للشيرازي - ٤٥٤:١، نهاية المطلب ٤٣٣:٨-٤٣٤، الوجيز ٢٥٠:١، الوسيط ٢٧٦:٤، حلية العلماء ٥٧:٦، التهذيب - للبغوي - ٥٢٩:٤-٥٣٠، البيان ١١٣:٨-١١٤، العزيز شرح الوجيز ٣٢٩:٦ و ٣٣٠ و ٣٣١، روضة الطالبين ٤٤٦:٤، روضة القضاة ٣١٣٦/٥٣٠:٥ - ٣١٣٨، المغني ٣٣١:٦، الشرح الكبير ٢٧٣:٦.
٣- ما بين المعقوفين أثبتناه من الاستبصار، و بدله في التهذيب: «عبد اللّه بن سليمان».
٤- تقدّم تخريجه في ص ٤٠، الهامش (٦).