أولا : لم يرد هذا في نقل سبط ابن الجوزي.
ثانيا : إنّ الغرابة لا تدل على عدم الصّحة ، لأنّ الحديث الغريب قد يكون صحيحا ، فالغريب يعم الصحيح وغير الصحيح ، ولا دلالة للعام على الخاص ، لكنّ إخراج الترمذي إيّاه في صحيحه وتوثيقه السدّي ـ ردا على جماعة تعصّبوا عليه ليبطلوا الحديث ـ يدل بصراحة على تصحيحه له وإن وصفه بالغرابة.
ويشهد بما ذكرنا من عموم « الغريب » كلمات علماء الدراية في تعريفه ، قال ابن الصّلاح بتعريفه : « ثم إنّ الغريب ينقسم إلى صحيح كالأفراد المخرّجة في الصحيح ، وإلى غير صحيح ، وذلك هو الغالب على الغرائب ، روينا عن أحمد بن حنبل رضياللهعنه أنه قال غير مرة : لا تكتبوا هذه الأحاديث الغرائب فإنها مناكير وعامّتها من الضعفاء » (١). وهذا الكلام يدل على المطلوب من وجهين :
الأول : إنّ الغريب ينقسم الى صحيح والى غير صحيح ، فليس كل غريب غير صحيح.
الثاني : لو كان حديث الطير من الغريب غير الصّحيح لما أخرجه أحمد ابن حنبل وقد قال غير مرة : لا تكتبوا هذه الأحاديث الغرائب ...
فثبت أنّ حديث الطير ليس من الغرائب غير الصحيحة ، بل إنّه حديث صحيح رواه الثقات المعتمدون.
هذا كلّه ، بالإضافة إلى أنّهم صرّحوا بصحّة أحاديث جامع التّرمذي واعتبارها ، وعلى هذا الأساس يصحّ الاحتجاج بحديث الطير المخرّج فيه ،
__________________
(١) علوم الحديث : ٣٩٥.