خطوطا عن يمينه وشماله ، إشارة إلى أن سبيله وسط بين الإفراط والتفريط كالجبر والقدر ، وتلك الخطوط مذاهب أهل الأهواء اثنتين وسبعين فرقة.
فإن قلت : ما وثوقك أنك على الصراط المستقيم ، فإن كلّ فرقة تدّعي أنّها عليه؟
قلت : بالنقل عن الثقات المحدّثين ، الذين جمعوا صحاح الأحاديث في أموره صلّى الله عليه وسلّم وأحواله ، وفي أحوال الصحابة ، مثل الصحاح الستة التي اتّفق الشرق والغرب على صحتها ، وشرّاحها كالخطّابي ، والبغوي ، والنووي ، اتفقوا عليه ، فبعد ملاحظته ينظر من الذي تمسّك بهديهم واقتفى أثرهم » (١).
وكذا قال محمد طاهر الفتني في ( مجمع البحار ) بشرح الحديث المذكور.
وقال المنّاوي بشرح حديث افتراق الامّة : « فإن قيل : ما وثوقك بأنّ تلك الفرقة الناجية هي أهل السنة والجماعة ، مع أنّ كلّ واحد من الفرق يزعم أنه هي دون غيره؟
قلنا : ليس ذلك بالادّعاء والتشبث باستعمال الوهم القاصر والقول الزاعم ، بل بالنقل على جهابذة أهل الصنعة وأئمة الحديث ، الذين جمعوا صحاح الأحاديث في امور المصطفى صلّى الله عليه وسلّم وأحواله وأفعاله وحركاته وسكناته ، وأحوال الصحب والتابعين ، كالشيخين وغيرهما من الثقات المشاهير ، الذين اتّفق أهل المشرق والمغرب على صحة ما في كتبهم ، ومن تكلّف باستنباط معانيها وكشف مشكلاتها ، كالخطّابي ، والبغوي ، والنووي ، جزاهم الله خيرا ، ومن اقتفى أثرهم واهتدى بسيرتهم في الأصول والفروع ، فيحكم بأنهم هم » (٢).
__________________
(١) الكاشف في شرح المشكاة ـ مخطوط.
(٢) فيض القدير في شرح الجامع الصغير ٢ / ٢٠.