( اتَّخَذُوا أَحْبارَهُمْ وَرُهْبانَهُمْ أَرْباباً مِنْ دُونِ اللهِ ) ولم يصلّوا لهم ولا صاموا ولا زعموا أنّهم أرباب ، ولكن أمروهم فأطاعوا أمرهم.
يا إسحاق : أتروي حديث : أنت مني بمنزلة هارون من موسى؟ قلت : نعم يا أمير المؤمنين ، قد سمعته وسمعت من صحّحه وجحده ، قال : فمن أوثق عندك ، من سمعت منه فصحّحه أو من جحده؟ قلت : من صحّحه ، قال : فهل يمكن أن يكون الرسول صلّى الله عليه وسلّم مزح بهذا القول؟ قلت : أعوذ بالله ، قال : فقال قولا لا معنى له فلا يوقف عليه؟ قلت : أعوذ بالله ، قال : أفما تعلم ان هارون كان أخا موسى لأبيه وأمّه؟ قلت : بلى ، قال : فعلي من رسول الله لأبيه وامّه؟ قلت : لا ، قال : أوليس هارون نبيا وعلي غير نبي؟ قلت : بلى ، قال : فهذان الحالان معدومان في علي وقد كانا في هارون فما معنى أنت منّي بمنزلة هارون من موسى؟ قلت له : إنّما أراد أن يطيّب بذلك نفس علي لمّا قال المنافقون إنّه خلّفه استثقالا له ، قال : فأراد أن يطيّب نفسه بقول لا معنى له؟ قال : فأطرقت ، قال : يا إسحاق له معنى في كتاب الله بيّن ، قلت : وما هو يا أمير المؤمنين؟ قال : قوله عزّ وجلّ حكاية عن موسى أنّه قال لأخيه هارون : ( اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ وَلا تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ ) قلت : يا أمير المؤمنين : إن موسى خلّف هارون في قومه وهو حي ومضى إلى ربّه ، وإنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم خلّف عليا كذلك حين خرج إلى غزاته ، قال : كلاّ ليس كما قلت ، أخبرني عن موسى حين خلّف هارون هل كان معه حين ذهب إلى ربّه أحد من أصحابه أو أحد من بني إسرائيل؟ قلت : لا ، قال : أو ليس استخلفه على جماعتهم؟ قلت : نعم ، قال : فأخبرني عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم حين خرج إلى غزاته هل خلّف إلاّ الضعفاء والنساء والصبيان؟ فأنّى يكون مثل ذلك؟!
وله عندي تأويل آخر من كتاب الله يدلّ على استخلافه إيّاه ، لا يقدر أحد أن يحتجّ فيه ، ولا أعلم أحدا احتجّ به ، وأرجو أن يكون توفيقا من الله. قلت :